خلاف ما فهمه ابن بطال وأن المراد بقولهم هذه الكوفة أي فأتم الصلاة فقال لا حتى ندخلها أي لا نزال نقصر حتى ندخلها في حكم المسافرين (قوله في حديث أنس صليت الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين) في رواية الكشميهني والعصر بذي الحليفة ركعتين وهي ثابتة في رواية مسلم وكذا في رواية أبي قلابة عن أنس عند المصنف في الحج واستدل به على استباحة قصر الصلاة في السفر القصير لأن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال وتعقب بأن ذا الحليفة لم تكن منتهى السفر وإنما خرج إليها حيث كان قاصدا إلى مكة فاتفق نزوله بها وكانت أول صلاة حضرت بها العصر فقصرها واستمر يقصر إلى أن رجع ومناسبة أثر على لحديث أنس ثم لحديث عائشة أن حديث على دال على أن القصر يشرع بفراق الحضر وكونه صلى الله عليه وسلم لم يقصر حتى رأى ذا الحليفة إنما هو لكونه أول منزل نزله ولم يحضر قبله وقت صلاة ويؤيده حديث عائشة ففيه تعليق الحكم بالسفر والحضر فحيث وجد السفر شرع القصر وحيث وجد الحضر شرع الإتمام واستدل به على أن من أراد السفر لا يقصر حتى يبرز من البلد خلافا لمن قال من السلف يقصر ولو في بيته وفيه حجة على مجاهد في قوله لا يقصر حتى يدخل الليل (قوله في حديث عائشة الصلاة أول ما فرضت) في رواية الكشميهني الصلوات بصيغة الجمع وأول بالرفع على أنه بدل من الصلاة أو مبتدأ ثان ويجوز النصب على أنه ظرف أي في أول (قوله ركعتين) في رواية كريمة ركعتين ركعتين (قوله فأقرت صلاة السفر) تقدم الكلام عليه في أول الصلاة واستدل بقوله فرضت ركعتين على أن صلاة المسافر لا تجوز إلا مقصورة ورد بأنه معارض بقوله تعالى فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ولأنه دال على أن الأصل الإتمام ومنهم من حمل قوله عائشة فرضت أي قدرت وقال الطبري معناه أن المسافر إذا اختار القصر فهو فرضه ومن أدل دليل على تعين تأويل حديث عائشة هذا كونها كانت تتم في السفر ولذلك أورده الزهري عن عروة (قوله تأولت ما تأول عثمان) هذا فيه رد على من زعم أن عثمان إنما أتم لكونه تأهل بمكة أو لأنه أمير المؤمنين وكل موضع له دار أو لأنه عزم على اشتراط بمكة أو لأنه استجد له أرضا بمنى أو لأنه كان يسبق الناس إلى مكة لأن جميع ذلك منتف في حق عائشة وأكثره لا دليل عليه بل هي ظنون ممن قالها ويرد الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر بزوجاته وقصر والثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك والثالث أن الإقامة بمكة على المهاجرين حرام كما سيأتي تقريره في الكلام على حديث العلاء بن الحضرمي في كتاب المغازي والرابع والخامس لم ينقلا فلا يكفي التخرص في ذلك والأول وإن كان نقل وأخرجه أحمد والبيهقي من حديث عثمان وأنه لما صلى بمنى أربع ركعات أنكر الناس عليه فقال إني تأهلت بمكة لما قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تأهل ببلدة فإنه يصلي صلاة مقيم فهذا الحديث لا يصح لأنه منقطع وفي رواته من لا يحتج به ويرده قول عروة إن عائشة تأولت ما تأول عثمان ولا جائز أن تتأهل عائشة أصلا فدل على وهن ذلك الخبر ثم ظهر لي أنه يمكن أن يكون مراد عروة بقوله كما تأول عثمان التشبيه بعثمان في الإتمام بتأويل لا اتحاد تأويلهما ويقويه أن الأسباب اختلفت في تأويل عثمان فتكاثرت بخلاف تأويل عائشة وقد أخرج بن جرير في تفسير سورة النساء إن عائشة كانت تصلي في السفر
(٤٧٠)