بلفظ خرج من المدينة إلى مكة لا يخاف إلا الله يصلي ركعتين قال الطيبي ما مصدرية ومعناه الجمع لأن ما أضيف إليه أفعل يكون جمعا والمعنى صلى بنا والحال أنا أكثر أكواننا في سائر الأوقات أمنا وسيأتي في باب الصلاة بمنى من كتاب الحج عن آدم عن شعبة بلفظ عن أبي إسحق وقال في روايته ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه وكلمة قط متعلقة بمحذوف تقديره ونحن ما كنا أكثر منا في ذلك الوقت ولا أكثر أمنا وهذا يستدرك به علي ابن مالك حيث قال استعمال قط غير مسبوقة بالنفي مما يخفى على كثير من النحويين وقد جاء في هذا الحديث بدون النفي وقال الكرماني قوله وآمنه بالرفع ويجوز النصب بأن يكون فعلا ماضيا وفاعله الله وضمير المفعول النبي صلى الله عليه وسلم والتقدير وآمن الله نبيه حينئذ ولا يخفى بعد هذا الأعراب وفيه رد على من زعم أن القصر مختص بالخوف والذي قال ذلك تمسك بقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أخفتم أن يفتنكم الذين كفروا ولم يأخذ الجمهور بهذا المفهوم فقيل لأن شرط مفهوم المخالفة أن لا يكون خرج مخرج الغالب وقيل هو من الأشياء التي شرع الحكم فيها بسبب ثم زال السبب وبقي الحكم كالرمل وقيل المراد بالقصر في الآية قصر الصلاة في الخوف إلى ركعة وفيه نظر لما رواه مسلم من طريق يعلى بن أمية وله صحبة أنه سأل عمر عن قصر الصلاة في السفر فقال إنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فهذا ظاهر في أن الصحابة فهموا من ذلك قصر الصلاة في السفر مطلقا لا قصرها في الخوف خاصة وفي جواب عمر إشارة إلى القول الثاني وروى السراج من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي حنظلة وهو الحذاء لا يعرف اسمه قال سألت ابن عمر عن الصلاة في السفر فقال ركعتان فقلت إن الله عز وجل قال إن خفتم ونحن آمنون فقال سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يرجح القول الثاني أيضا (قوله حدثنا إبراهيم) هو النخعي لا التيمي (قوله صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات) كان ذلك بعد رجوعه من أعمال الحج في حال إقامته بمنى للرمي كما سيأتي ذلك في رواية عباد بن عبد الله بن الزبير في قصة معاوية بعد بابين (قوله فقيل ذلك) في رواية أبي ذر والأصيلي فقيل في ذلك (قوله فاسترجع) أي فقال انا لله وإنا إليه راجعون (قوله ومع عمر ركعتين) زاد الثوري عن الأعمش ثم تفرقت بكم الطرق أخرجه المصنف في الحج من طريقه (قوله فليت حظى من أربع ركعات ركعتان) لم يقل الأصيلي ركعات ومن للبدلية مثل قوله تعالى أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وهذا يدل على أنه كان يرى الإتمام جائزا وإلا لما كان له حظ من الأربع ولا من غيرها فإنها كانت تكون فاسدة كلها وإنما استرجع ابن مسعود لما وقع عنده من مخالفة الأولى ويؤيده ما روى أبو داود أن ابن مسعود صلى أربعا فقيل له عبت على عثمان ثم صليت أربعا فقال الخلاف شر وفي رواية البيهقي إني لأكره الخلاف ولأحمد من حديث أبي ذر مثل الأول وهذا يدل على أنه لم يكن يعتقد أن القصر واجب كما قال الحنفية ووافقهم القاضي إسماعيل من المالكية وهي رواية عن مالك وعن أحمد قال ابن قدامة المشهور عن أحمد أنه على الاختيار والقصر عنده أفضل وهو قول جمهور الصحابة والتابعين واحتج الشافعي على عدم الوجوب بأن المسافر إذ دخل في صلاة المقيم صلى أربعا باتفاقهم ولو كان فرضه القصر لم يأتم مسافر بمقيم وقال الطحاوي لما كان الفرض لا بد لمن
(٤٦٥)