سليمان بن موسى عن نافع أنه حدثه أن بن عمر كان يقول من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر وفي صحيح ابن خزيمة من طريق قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له وهذا محمول على التعمد أو على أنه لا يقع أداء لما رواه أبو داود من حديث أبي سعيد أيضا مرفوعا من نسي الوتر أو نام عنه فليصله إذا ذكره وقيل معنى قوله إذا خشي أحدكم الصبح أي وهو في شفع فلينصرف على وتر وهذا ينبنى على أن الوتر لا يفتقر إلى نية وحكى ابن المنذر عن جماعة من السلف أن الذي يخرج بالفجر وقته الاختياري ويبقى وقت الضرورة إلى قيام صلاة الصبح وحكاه القرطبي عن مالك والشافعي وأحمد وإنما قاله الشافعي في القديم وقال ابن قدامة لا ينبغي لأحد أن يتعمد ترك الوتر حتى يصبح واختلف السلف في مشروعية قضائه فنفاه الأكثر وفي مسلم وغيره عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نام من الليل من وجع أو غيره فلم يقم من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة وقال محمد بن نصر لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من الأخبار أنه قضى الوتر ولا أمر بقضائه ومن زعم أنه صلى الله عليه وسلم في ليلة نومهم عن الصبح في الوادي قضى الوتر فلم يصب وعن عطاء والأوزاعي يقضي ولو طلعت الشمس وهو وجه عند الشافعية حكاه النووي في شرح مسلم وعن سعيد بن جبير يقضي من القابلة وعن الشافعية يقضي مطلقا ويستدل لهم بحديث أبي سعيد المتقدم والله أعلم * (فائدة) * يؤخذ من سياق هذا الحديث أن ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس من النهار شرعا وقد روى ابن دريد في أماليه بسند جيد أن الخليل بن أحمد سئل عن حد النهار فقال من الفجر المستطير إلى بداءة الشفق وحكى عن الشعبي أنه وقت منفرد لا من الليل ولا من النهار (قوله صلى ركعة واحدة) في رواية الشافعي وعبد الله بن وهب ومكي بن إبراهيم ثلاثتهم عن مالك فليصل ركعة أخرجه الدارقطني في الموطآت هكذا بصيغة الأمر وسيأتي بصيغة الأمر أيضا من طريق ابن عمر الثانية في هذا الباب ولمسلم من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا نحوه واستدل بهذا على أنه لا صلاة بعد الوتر وقد اختلف السلف في ذلك في موضعين أحدهما في مشروعية ركعتين بعد الوتر عن جلوس والثاني فيمن أوتر ثم أراد أن يتنفل في الليل هل يكتفى بوتره الأول وليتنفل ما شاء أو يشفع وتره بركعة ثم يتنفل ثم إذا فعل ذلك هل يحتاج إلى وتر آخر أولا فأما الأول فوقع عند مسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس وقد ذهب إليه بعض أهل العلم وجعلوا الأمر في قوله اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا مختصا بمن أوتر آخر الليل وأجاب من لم يقل بذلك بأن الركعتين المذكورتين هما ركعتا الفجر وحمله النووي على أنه صلى الله عليه وسلم فعله لبيان جواز التنفل بعد الوتر وجواز التنفل جالسا وأما الثاني فذهب الأكثر إلى أنه يصلي شفعا ما أراد ولا ينقض وتره وأشار بقوله صلى الله عليه وسلم لا وتران في ليلة وهو حديث حسن أخرجه النسائي وابن خزيمة وغيرهما من حديث طلق بن علي وإنما يصح نقض الوتر عند من يقول بمشروعية التنفل بركعة واحدة غير الوتر وقد تقدم ما فيه وروى محمد بن نصر من طريق سعيد بن الحرث أنه سأل ابن عمر عن ذلك فقال إذا كنت لا تخاف الصبح ولا النوم فاشفع ثم صل ما بدا لك ثم أوتر وإلا
(٣٩٩)