أن عمر استسقى بالمصلى فقال للعباس قم فاستسق فقام العباس فذكر الحديث فتبين بهذا أن في القصة المذكورة أن العباس كان مسؤولا وأنه ينزل منزلة الإمام إذا أمره الإمام بذلك وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري وكان خازن عمر قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استسق لامتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له ائت عمر الحديث وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحرث لالمزني أحد الصحابة وظهر بهذا كله مناسبة الترجمة لأصل هذه القصة أيضا والله الموفق (قوله يتمثل) أي ينشد شعر غيره (قوله وأبيض) بفتح الضاد وهو مجرور برب مقدرة أو منصوب بإضمار أعنى أو أخص والراجح أنه بالنصب عطفا على قوله سيدا في البيت الذي قبله (قوله ثمال) بكسر المثلثة وتخفيف الميم هو العماد والملجأ والمطعم والمغيث والمعين والكافي قد أطلق على كل من ذلك وقوله عصمة للأرامل أي يمنعهم مما يضرهم والأرامل جمع أرملة وهي الفقيرة التي لا زوج لها وقد يستعمل في الرجل أيضا مجازا ومن ثم لو أوصى للأرامل خص النساء دون الرجال وهذا البيت من أبيات في قصيدة لأبي طالب ذكرها ابن إسحاق في السيرة بطولها وهي أكثر من ثمانين بيتا قالها لما تمالأت قريش على النبي صلى الله عليه وسلم ونفروا عنه من يريد الإسلام أولها ولما رأيت القوم لا ود فيهم * وقد قطعوا كل العرا والوسائل وقد جاهرونا بالعداوة والأذى * وقد طاوعوا أمر العدو المزايل (يقول فيها) أعبد مناف أنتم خير قومكم فلا * تشركوا في أمركم كل واغل فقد خفت إن لم يصلح الله أمركم * تكونوا كما كانت أحاديث وائل (يقول فيها) أعوذ برب الناس من كل طاعن * علينا بسوء أو ملح بباطل وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه * وراق لبفي حراء ونازل وبالبيت حق البيت من بطن مكة * وبالله أن الله ليس بغافل (يقول فيها) كذبتم وبيت الله نبزى محمدا * ولما نطاعن حوله ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل (يقول فيها) وما ترك قوم لا أبا لك سيدا * يحوط الذمار بين بكر بن وائل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل قال السهيلي فإن قيل كيف قال أبو طالب يستسقى الغمام بوجهه ولم يره قط استسقى إنما كان ذلك منه بعد الهجرة وأجاب بما حاصله أن أبا طالب أشار إلى ما وقع في زمن عبد المطلب حيث استسقى لقريش والنبي صلى الله عليه وسلم معه غلام انتهى ويحتمل أن يكون أبو طالب مدحه بذلك لما رأى من مخايل ذلك فيه وإن لم يشاهد وقوعه وسيأتي في الكلام على حديث ابن مسعود ما يشعر بأن سؤال أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء وقع بمكة وذكر ابن التين أن في شعر أبي طالب هذا دلالة على أنه كان يعرف نبوة النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث لما أخبره به بحيرة أو غيره من شأنه وفيه نظر لما تقدم عن بن إسحاق أن إنشاء أبي طالب لهذا الشعر كان بعد
(٤١٢)