الأسلت هو موضع في دار بني قريظة فيه أموال لهم وكان موضع الوقعة في مزرعة لهم هناك ولا منافاة بين القولين وقال صاحب المطالع الأشهر فيه ترك الصرف قال الخطابي يوم بعاث يوم مشهور من أيام العرب كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج وبقيت الحرب قائمة مائة وعشرين سنة إلى الإسلام على ما ذكر ابن إسحاق وغيره (قلت) تبعه على هذا جماعة من شراح الصحيحين وفيه نظر لأنه يوهم أن الحرب التي وقعت يوم بعاث دامت هذه المدة وليس كذلك فسيأتي في أوائل الهجرة قول عائشة كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله فقدم المدينة وقد افترق ملؤهم وقتلت سراتهم وكذا ذكره ابن إسحاق والواقدي وغيرهما من أصحاب الأخبار وقد روى ابن سعد بأسانيده أن النفر الستة أو الثمانية الذين لقوا النبي صلى الله عليه وسلم بمنى أول من لقيه من الأنصار وكانوا قد قدموا إلى مكة ليحالفوا قريشا كان في جملة ما قالوه له لما دعاهم إلى الإسلام والنصر له وأعلم أنما كانت وقعة بعاث عام الأول فموعدك الموسم القابل فقدموا في السنة التي تليها فبايعوه وهي البيعة الأولى ثم قدموا الثانية فبايعوه وهم سبعون نفسا وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم في أوائل التي تليها فدل ذلك على أن وقعة بعاث كانت قبل الهجرة بثلاث سنين وهو المعتمد وهو أصح من قول ابن عبد البر في ترجمة زيد بن ثابت من الاستيعاب إنه كان يوم بعاث ابن ست سنين وحيث قدم النبي صلى الله عليه وسلم كان بن إحدى عشرة فيكون يوم بعاث قبل الهجرة بخمس سنين نعم دامت الحرب بين الحيين الأوس والخزرج المدة التي ذكرها في أيام كثيرة شهيرة وكان أولها فيما ذكر ابن إسحاق وهشام بن الكلبي وغيرهما أن الأوس والخزرج لما نزلوا المدينة وجدوا اليهود مستوطنين بها بالأجداد وكانوا تحت قهرهم ثم غلبوا على اليهود في قصة طويلة بمساعدة أبي جبلة ملك غسان فلم يزالوا على اتفاق بينهم حتى كانت أول حرب وقعت بينهم حرب سمير بالمهملة مصغرا بسبب رجل يقال له كعب من بني ثعلبة نزل على مالك بن عجلان الخزرجي فحالفه فقتله رجل من الأوس يقال له سمير فكان ذلك سبب الحرب بين الحيين ثم كانت بينهم وقائع من أشهرها يوم السرارة بمهملات ويوم فارع بفاء ومهملة ويوم الفخار الأول والثاني وحرب حصين بن الأسلت وحرب حاطب بن قيس إلى أن كان آخر ذلك يوم بعاث وكان رئيس الأوس فيه حضير والد أسيد وكان يقال له حضير الكتائب وجرح يومئذ ثم مات بعد مدة من جراحته وكان رئيس الخزرج عمرو بن النعمان وجاءه سهم في القتال فصرعه فهزموا بعد أن كانوا قد استظهروا ولحسان وغيره من الخزرج وكذا لقيس بن الحطيم وغيره من الأوس في ذلك أشعار كثيرة مشهورة في دواوينهم (قوله فاضطجع على الفراش) في رواية الزهري المذكورة أنه تغشى بثوبه وفي رواية لمسلم تسجى أي التف بثوبه (قوله وجاء أبو بكر) في رواية هشام بن عروة في الباب الذي بعده دخل على أبو بكر وكأنه جاء زائرا لها بعد أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته (قوله فانتهرني) في رواية الزهري فانتهرهما أي الجاريتين ويجمع بأنه شرك بينهن في الانتهار والزجر أما عائشة فلتقريرها وأما الجاريتان فلفعلهما (قوله مزمارة الشيطان) بكسر الميم يعني الغناء أو الدف لأن المزمارة أو المزمار مشتق من الزمير وهو الصوت الذي له الصفير ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء وسميت به الآلة المعروفة التي يزمر بها وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهى فقد تشغل القلب عن الذكر وفي رواية
(٣٦٧)