حماد بن سلمة عند أحمد فقال يا عباد الله أبمزمور الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القرطبي المزمور الصوت ونسبته إلى الشيطان ذم على ما ظهر لأبي بكر وضبطه عياض بضم الميم وحكى فتحها (قوله فأقبل عليه) في رواية الزهري فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه وفي رواية فليح فكشف رأسه وقد تقدم أنه كان ملتفا (قوله دعهما) زاد في رواية هشام يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا ففيه تعليل الأمر بتركهما وإيضاح خلاف ما ظنه الصديق من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه صلى الله عليه وسلم لكونه دخل فوجده مغطى بثوبه فظنه نائما فتوجه له الإنكار على ابنته من هذه الأوجه مستصحبا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو فبادر إلى إنكار ذلك قياما عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك مستندا إلى ما ظهر له فأوضح له النبي صلى الله عليه وسلم الحال وعرفه الحكم مقرونا ببيان الحكمة بأنه يوم عيد أي يوم سرور شرعي فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا فقلنا في الأعراس وبهذا يرتفع الإشكال عمن قال كيف ساغ للصديق إنكار شئ أقره النبي صلى الله عليه وسلم وتكلف جوابا لا يخفى تعسفه وفي قوله لكل قوم أي من الطوائف وقوله عيد أي كالنيروز والمهرجان وفي النسائي وابن حبان بإسناد صحيح عن أنس قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما يوم الفطر والأضحى واستنبط منه كراهة الفرح في أعياد المشركين والتشبه بهم وبالغ الشيخ أبو حفص الكبير النسفي من الحنفية فقال من أهدى فيه بيضة إلى مشرك تعظيما لليوم فقد كفر بالله تعالى واستنبط من تسمية أيام منى بأنها أيام عيد مشروعية قضاء صلاة العيد فيها لمن فاتته كما سيأتي بعد واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ويكفى في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها وليستا بمغنيتين فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم الذي تسميه العرب النصب بفتح النون وسكون المهملة وعلى الحداء ولا يسمى فاعله مغنيا وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح قال القرطبي قولها ليستا بمغنيتين أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يعرفه المغنيات المعروفات بذلك وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن وهذا النوع إذا كان في شعر فيه وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من الأمور المحرمة لا يختلف في تحريمه قال وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال وأن ذلك يثمر سني الأحوال وهذا على التحقيق من آثار الزندقة وقول أهل المخرقة والله المستعان أه وينبغي أن يعكس مرادهم ويقرأ سئ عوض النون الخفيفة المكسورة بغير همز بمثناة تحتانية ثقيلة مهموزا وأما الآلات فسيأتي الكلام على اختلاف العلماء فيها عند الكلام على حديث المعازف في كتاب الأشربة وقد حكى قوم الإجماع على تحريمها وحكى بعضهم عكسه وسنذكر بيان شبهة الفريقين إن شاء الله تعالى ولا يلزم من إباحة الضرب بالدف في العرس ونحوه إباحة
(٣٦٨)