السفر قبل الزوال من البلد الذي يدخلها مجتازا مثلا وكأن ذلك رجح عند البخاري ويتأيد عنده بعموم قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله فلم يخص مقيما من مسافر وأما ما احتج به ابن المنذر على سقوط الجمعة عن المسافر بكونه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر جمعيا بعرفة وكان يوم جمعة فدل ذلك من فعله على أنه لا جمعة على مسافر فهو عمل صحيح إلا أنه لا يدفع الصورة التي ذكرتها وقال الزين ابن المنير قرر البخاري في هذه الترجمة إثبات المشي إلى الجمعة مع معرفته بقول من فسرها بالذهاب الذي يتناول المشي والركوب وكأنه حمل الأمر بالسكينة والوقار على عمومه في الصلوات كلها فتدخل الجمعة كما هو مقتضى حديث أبي هريرة وأما حديث أبي قتادة فيؤخذ من قوله وعليكم السكينة فإنه يقتضى عدم الإسراع في حال السعي إلى الصلاة أيضا (قوله حدثني علي بن عبد الله) هو ابن المديني (قوله يزيد) بالتحتانية والزاي وعباية بفتح المهملة بعدها موحدة وهو بن رفاعة بن رافع بن خديج (قوله أدركني أبو عبس) بفتح المهملة وسكون الموحدة وهو ابن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة واسمه عبد الرحمن على الصحيح وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد (قوله وأنا أذهب) كذا وقع عند البخاري أن القصة وقعت لعباية مع أبي عبس وعند الإسماعيلي من رواية علي بن بحر وغيره عن الوليد بن مسلم أن القصة وقعت ليزيد بن أبي مريم مع عباية وكذا أخرجه النسائي عن الحسين بن حريث عن الوليد ولفظه حدثني يزيد قال لحقني عباية بن رفاعة وأنا ماش إلى الجمعة زاد الإسماعيلي في روايته وهو راكب فقال احتسب خطاك هذه وفي رواية النسائي فقال أبشر فإن خطاك هذه في سبيل الله فإني سمعت أبا عبس بن جبر فذكر الحديث فإن كان محفوظا احتمل أن تكون القصة وقعت لكل منهما وسيأتي الكلام على المتن في كتاب الجهاد وأورده هنا لعموم قوله في سبيل الله فدخلت فيه الجمعة ولكون راوي الحديث استدل به على ذلك وقال ابن المنير في الحاشية وجه دخول حديث أبي عبس في الترجمة من قوله أدركني أبو عبس لأنه لو كان يعدو لما احتمل وقت المحادثة لتعذرها مع الجري ولان أبا عبس جعل حكم السعي إلى الجمعة حكم الجهاد وليس العدو من مطالب الجهاد فكذلك الجمعة انتهى وحديث أبي هريرة تقدم الكلام عليه في أواخر أبواب الأذان وقد سبق في أول هذا الباب توجيه إيراده هنا (قوله عن عبد الله بن أبي قتادة قال أبو عبد الله لا أعلمه إلا عن أبيه) انتهى أبو عبد الله هذا هو المصنف وقع قوله قال أبو عبد الله في رواية المستملى وحده وكأنه وقع عنده توقف في وصله لكونه كتبه من حفظه أو لغير ذلك وهو في الأصل موصول لا ريب فيه فقد أخرجه الإسماعيلي عن ابن ناجية عن أبي حفص وهو عمر بن علي شيخ البخاري فيه فقال عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه ولم يشك وأغرب الكرماني فقال إن هذا الإسناد منقطع وإن حكم البخاري بكونه موصولا لأن شيخه لم يروه إلا منقطعا انتهى وقد تقدم في أواخر الأذان أن البخاري علق هذه الطريق من جهة علي بن المبارك ولم يتعرض للشك الذي هنا وتقدم الكلام على المتن أيضا وموضع الحاجة منه هنا قوله وعليكم السكينة قال ابن رشيد والنكتة في النهى عن ذلك لئلا يكون مقامهم سببا لاسراعه في الدخول إلى الصلاة فينافي مقصوده من هيئة الوقار قال وكأن البخاري استشعر إيراد الفرق بين الساعي إلى الجمعة وغيرها بان السعي إلى الصلاة غير الجمعة منهى لأجل ما يلحق الساعي من التعب وضيق النفس فيدخل
(٣٢٥)