أن الأربعة المذكورين رووه عن الزهري بهذا الإسناد فجعلوا الظهور للشمس وابن عيينة جعله للفئ وقد قدمنا توجيه ذلك وطريق الجمع بينهما وأن طريق مالك وصلها المؤلف في أول المواقيت وأما طريق يحيى بن سعيد وهو الأنصاري فوصلها الذهلي في الزهريات وأما طريق شعيب وهو ابن أبي حمزة فوصلها الطبراني في مسند الشاميين وأما طريق بن أبي حفصة وهو محمد بن ميسرة فرويناها من طريق ابن عدي في نسخة إبراهيم بن طهمان عن ابن أبي حفصة والمستفاد من هذا الحديث تعجيل صلاة العصر في أول وقتها وهذا هو الذي فهمته عائشة وكذا الراوي عنها عروة واحتج به على عمر بن عبد العزيز في تأخيره صلاة العصر كما تقدم وشذ الطحاوي فقال لا دلالة فيه على التعجيل لاحتمال أن الحجرة كانت قصيرة الجدار فلم تكن الشمس تحتجب عنها إلا بقرب غروبها فيدل على التأخير لا على التعجيل وتعقب بان الذي ذكره من الاحتمال إنما يتصور مع اتساع الحجرة وقد عرف بالاستفاضة والمشاهدة أن حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن متسعة ولا يكون ضوء الشمس باقيا في قعر الحجرة الصغيرة إلا والشمس قائمة مرتفعة وإلا متى مالت جدا ارتفع ضوؤها عن قاع الحجرة ولو كانت الجدر قصيرة قال النووي كانت الحجرة ضيقة العرصة قصيرة الجدار بحيث كان المريض جدارها أقل من مسافة العرصة بشئ يسير فإذا صار ظل الجدار مثله كانت الشمس بعد في أواخر العرصة أه وكأن المؤلف لما لم يقع له حديث على شرطه في تعيين أول وقت العصر وهو مصير ظل كل شئ مثله استغنى بهذا الحديث الدال على ذلك بطريق الاستنباط وقد أخرج مسلم عدة أحاديث مصرحة بالمقصود ولم ينقل عن أحد من أهل العلم مخالفة في ذلك إلا عن أبي حنيفة فالمشهور عنه أنه قال أول وقت العصر مصير ظل كل شئ مثليه بالتثنية قال القرطبي خالفه الناس كلهم في ذلك حتى أصحابه يعني الآخذين عنه وإلا فقد انتصر له جماعة ممن جاء بعدهم فقالوا ثبت الأمر بالإبراد ولا يحصل إلا بعد ذهاب اشتداد الحر ولا يذهب في تلك البلاد إلا بعد أن يصير ظل الشئ مثليه فيكون أول وقت العصر مصير الظل مثليه وحكاية مثل هذا تغنى عن رده (قوله أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك وعوف هو العرابي (قوله دخلت أنا وأبي) زاد الإسماعيلي زمن أخرج بن زياد من البصرة (قلت) وكان ذلك في سنة أربع وستين كما سيأتي في كتاب الفتن وسلامة والد سيار حكى عنه ولده هنا ولم أجد من ترجمه وقد وقعت لابنه عنه رواية في الطبراني الكبير في ذكر الحوض (قوله المكتوبة) أي المفروضة واستدل به على أن الوتر ليس من المكتوبة لكون أبي برزة لم يذكره وفيه بحث (قوله كان يصلي الهجير) أي صلاة الهجير الهجير والهاجرة بمعنى وهو وقت شدة الحر وسميت الظهر بذلك لأن وقتها يدخل حينئذ (قوله تدعونها الأولى) قيل سميت الأولى لأنها أول صلاة النهار وقيل لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم حين بين له الصلوات الخمس (قوله حين تدحض الشمس) أي تزول عن وسط السماء مأخوذ من الدحض وهو الزلق وفي رواية لمسلم حين تزول الشمس ومقتضى ذلك أنه كان يصلي الظهر في أول وقتها ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد لاحتمال أن يكون ذلك في زمن البرد أو قبل الأمر بالإبرار أو عند فقد شروط الإبراد لأنه يختص بشدة الحر أو لبيان الجواز وقد يتمسك بظاهره من قال إن فضيلة أول الوقت لا تحصل إلا بتقديم ما يمكن
(٢١)