ألم أنهكم عن هذه البقلة الخبيئة أو المنتنة فإن كان أشار إلى ذلك وإلا فما أظنه إلا تصحيفا فقد رواه أبو عوانة في صحيحه من طريق روح بن عبادة عن ابن جريج كما قال أبو عاصم ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج بلفظ أراه يعني النيئة التي لم تطبخ وكذا لأبي نعيم في المستخرج من طريق ابن أبي عدي عن ابن جريج بلفظ يريد النئ الذي لم يطبخ وهو تفسير النئ بأنه الذي لم يطبخ وهو حقيقته كما تقدم وقد يطلق على أعم من ذلك وهو ما لم ينضج فيدخل فيه ما طبخ قليلا ولم يبلغ النضح (قوله عن يونس) هو ابن يزيد (قوله زعم عطاء) هو ابن أبي رباح وفي رواية الأصيلي عن عطاء ولمسلم من وجه آخر عن ابن وهب حدثني عطاء (قوله أن جابر بن عبد الله زعم) قال الخطابي لم يقل زعم على وجه التهمة لكنه لما كان أمرا مختلفا فيه أتى بلفظ الزعم لأن هذا اللفظ لا يكاد يستعمل إلا في أمر يرتاب به أو يختلف فيه (قلت) وقد يستعمل في القول المحقق أيضا كما تقدم وكلام الخطابي لا ينفى ذلك وفي رواية أحمد بن صالح الآتية عن جابر ولم يقل زعم (قوله فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا) شك من الراوي وهو الزهري ولم تختلف الرواة عنه في ذلك (قوله أو ليقعد في بيته) كذا لأبي ذر بالشك أيضا ولغيره وليقعد في بيته بواو العطف وكذا لمسلم وهي أخص من الاعتزال لأنه أعم من أن يكون في البيت أو غيره (قوله وأن النبي صلى الله عليه وسلم) هذا حديث آخر وهو معطوف على الإسناد المذكور والتقدير وحدثنا سعيد بن عفير شوال أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى وقد تردد البخاري فيه هل هو موصول أو مرسل كما سيأتي وهذا الحديث الثاني كان متقدما على الحديث الأول بست سنين لأن الأول تقدم في حديث ابن عمر وغيره أنه وقع منه صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر وكانت في ستة سبع وهذا وقع في السنة الأولى عند قدومه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ونزوله في بيت أبي أيوب الأنصاري كما سأبينه (قوله أتى بقدر) بكسر القاف وهو ما يطبخ فيه ويجوز فيه التأنيث والتذكير والتأنيث أشهر لكن الضمير في قوله فيه خضرات يعود على الطعام الذي في القدر فالتقدير أتى بقدر من طعام فيه خضرات ولهذا لما أعاد الضمير على القدر أعاده بالتأنيث حيث قال فأخبر بما فيها وحيث قال قربوها وقوله خضرات بضم الخاء وفتح الضاد المعجمتين كذا ضبط في رواية أبي ذر ولغيره بفتح أوله وكسر ثانيه وهو جمع خضرة ويجوز مع ضم أوله ضم الضاد وتسكينها أيضا (قوله إلى بعض أصحابه) قال الكرماني فيه النقل بالمعنى إذ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقله بهذا اللفظ بل قال قربوها إلى فلان مثلا أو فيه حذف أي قال قربوها مشيرا أو أشار إلى بعض أصحابه (قلت) والمراد بالبعض أبو أيوب الأنصاري ففي صحيح مسلم من حديث أبي أيوب في قصة نزول النبي صلى الله عليه وسلم عليه قال فكان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما فإذا جئ به إليه أي بعد أن يأكل النبي صلى الله عليه وسلم منه سأل عن موضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم فصنع ذلك مرة فقيل له لم يأكل وكان الطعام فيه ثوم فقال أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكن أكرهه (قوله كل فإني أناجي من لا تناجى) أي الملائكة وفي حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة وابن حبان من وجه آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إليه بطعام من خضرة فيه بصل أو كراث فلم ير فيه أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكل فقال له ما منعك قال لم أر أثر يدك قال أستحي من ملائكة الله وليس بمحرم ولهما من حديث أم أيوب
(٢٨٣)