عنه إلا مطولا ورأيته باللفظ المختصر المذكور سندا ومتنا عند المصنف في كتاب الفتن من طريق صالح بن جلس عن الزهري وكذلك أخرجه مسلم من طريق صالح وقد استشكل دعاؤه صلى الله عليه وسلم بما ذكر مع أنه معصوم مغفور له ما تقدم وما تأخر وأجيب بأجوبة أحدها أنه قصد التعليم لأمته ثانيها أن المراد السؤال منه لأمته فيكون المعنى هنا أعوذ بك لأمتي ثالثها سلوك طريق التواضع وإظهار العبودية وإلزام خوف الله وإعظامه والافتقار إليه وامتثال أمره في الرغبة إليه ولا يمتنع تكرار الطلب مع تحقق الإجابة لأن ذلك يحصل الحسنات ويرفع الدرجات وفيه تحريض لأمته على ملازمة ذلك لأنه إذا كان مع تحقق المغفرة لا يترك التضرع فمن لم يتحقق ذلك أحرى بالملازمة وأما الاستعاذة من فتنة الدجال مع تحققه أنه لا يدركه فلا إشكال فيه على الوجهين الأولين وقيل على الثالث يحتمل أن يكون ذلك قبل تحقق عدم إدراكه ويدل عليه قوله في الحديث الآخر عند مسلم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه الحديث والله أعلم قوله عن أبي الخير هو اليزني بالتحتانية والزاي المفتوحتين ثم نون والإسناد كله سوى طرفيه مصريون وفيه تابعي عن تابعي وهو يزيد عن أبي الخير وصحابي عن صحابي وهو عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه هذه رواية الليث عن يزيد ومقتضاها أن الحديث من مسند الصديق رضي الله عنه وأوضح من ذلك رواية أبي الوليد الطيالسي عن الليث فإن لازم عن أبي بكر قال قلت يا رسول الله أخرجه البزار من طريقه وخالف عمرو بن الحارث الليث فجعله من مسند عبد الله بن عمرو ولفظه عن أبي الخير أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول إن أبا بكر قال للنبي صلى الله عليه وسلم هكذا رواه بن وهب عن عمرو ولا يقدح هذا الاختلاف في صحة الحديث وقد أخرج المصنف طرق عمرو معلقة في الدعوات ادعاءه في التوحيد وكذلك أخرج مسلم الطريقين طريق الليث وطريق بن وهب وزاد مع عمرو بن الحارث رجلا مبهما وبين بن خزيمة في روايته أنه بن لهيعة قوله ظلمت نفسي أي بملابسة ما يستوجب العقوبة أو ينقص الحظ وفيه أن الإنسان لا يعرى عن تقصير ولو كان صديقا قوله ولا يغفر الذنوب إلا أنت فيه إقرار بالوحدانية واستجلاب للمغفرة وهو كقوله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم الآية فأثنى على المستغفرين وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار لوح بالأمر به كما قيل إن كل شئ أثنى الله على فاعله فهو آمر به وكل شئ ذم فاعله فهو ناه عنه قوله مغفرة من عندك قال الطيبي دل التنكير على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرك كنهه ووصفه بكونه من عنده سبحانه وتعالى مزيدا لذلك العظم لأن الذي يكون من عند الله لا يحيط به وصف وقال بن دقيق العيد يحتمل وجهين أحدهما الإشارة إلى التوحيد المذكور كأنه قال لا يفعل هذا إلا أنت فافعله لي أنت والثاني وهو أحسن أنه إشارة إلى طلب مغفرة متفضل بها لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره انتهى وبهذا الثاني جزم بن الجوزي فقال المعنى هب لي المغفرة تفضلا وإن لم أكن لها أهلا بعملي قوله إنك أنت الغفور الرحيم هما صفتان ذكرتا ختما للكلام على جهة المقابلة لما تقدم فالغفور مقابل لقوله اغفر لي والرحيم مقابل لقوله ارحمني وهي مقابلة مرتبة وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا استحباب طلب التعليم من العالم خصوصا في الدعوات المطلوب فيها جوامع الكلم ولم يصرح في الحديث بتعيين محله وقد
(٢٦٥)