أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن فذكر الحديث وفيه قال الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى وقيل المعنى كانوا يفتتحون بهذا اللفظ تمسكا بظاهر الحديث وهذا قول من نفى قراءة البسملة لكن لا يلزم من قوله كانوا يفتتحون بالحمد أنهم لم يقرؤا بسم الله الرحمن الرحيم سرا وقد أطلق أبو هريرة السكوت على القراءة سرا كما في الحديث الثاني من الباب وقد اختلف الرواة عن شعبة في لفظ الحديث فرواه من أصحابه عنه بلفظ كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ورواه آخرون عنه بلفظ فلم أسمع أحد منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم كذا أخرجه مسلم من رواية أبي داود الطيالسي ومحمد بن جعفر وكذا أخرجه الخطيب من رواية أبي عمر الدوري شيخ البخاري فيه وأخرجه ابن خزيمة من رواية محمد بن جعفر باللفظين وهؤلاء من أثبت أصحاب شعبة ولا يقال هذا اضطراب من شعبة لأنا نقول قد رواه جماعة من أصحاب قتادة عنه باللفظين فأخرجه البخاري في جزء القراءة والنسائي وابن ماجة من طريق أيوب وهؤلاء والترمذي من طريق أبي عوانة والبخاري في جزء القراءة وأبو داود من طريق هشام الدستوائي والبخاري فيه وابن حبان من طريق حماد ابن سلمة والبخاري فيه والسراج من طريق همام كلهم عن قتادة باللفظ الأول وأخرجه مسلم من طريق الأوزاعي عن قتادة بلفظ لم الريح يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم وقد قدح بعضهم في صحته بكون الأوزاعي رواه عن قتادة مكاتبة وفيه نظر فإن الأوزاعي لم ينفرد به فقد رواه أبو يعلى عن أحمد الدورقي والسراج عن يعقوب الدورقي وعبد الله بن أحمد بن عبد الله السلمي ثلاثتهم عن أبي داود الطيالسي عن شعبة بلفظ فلم الريح يفتتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم قال شعبة قلت لقتادة سمعته من أنس قال نحن سألناه لكن هذا النفي محمول على ما قدمناه أن المراد أنه لم يسمع منهم البسملة فيحتمل أن الريح يقرؤنها سرا ويؤيده رواية من رواه عنه بلفظ فلم الريح يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم كذا رواه سعيد بن أبي عروبة عند النسائي وابن حبان وهمام عند الدارقطني وشيبان عند الطحاوي وابن حبان وشعبة أيضا من طريق وكيع عنه عند أحمد أربعتهم عن قتادة ولا يقال هذا اضطراب من قتادة لأنا نقول قد رواه جماعة من أصحاب أنس عنه كذلك فرواه البخاري في جزء القراءة والسراج وأبو عوانة في صحيحه من طرق إسحاق بن أبي طلحة والسراج من طريق ثابت البنائي والبخاري فيه من طريق مالك بن دينار كلهم عن أنس باللفظ الأول ورواه الطبراني في الأوسط من طريق إسحاق أيضا وابن خزيمة من طريق ثابت أيضا والنسائي من طريق منصور بن زاذان وابن حبان من طريق أبي قلابة والطبراني من طريق أبي نعامة كلهم عن أنس باللفظ النافي للجهر فطريق الجمع بين هذه الألفاظ حمل نفى القراءة على نفى السماع ونفى السماع على نفى الجهر ويؤيده أن لفظ رواية منصور ابن زاذان فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم وأصرح من ذلك رواية الحسن عن أنس عند ابن خزيمة بلفظ كانوا يسرون بسم الله الرحمن الرحيم فاندفع بهذا تعليل من أعله بالاضطراب كابن عبد البر لأن الجمع إذا أمكن تعين المصير إليه وأما من قدح في صحته بأن أبا سلمة سعيد بن يزيد سأل أنسا عن هذه المسألة فقال إنك لتسألني عن شئ ما أحفظه ولا سألني عنه أحد قبلك ودعوى أبي شامة أن أنسا سئل عن ذلك سؤالين فسؤال أبي سلمة هل كان الافتتاح بالبسملة أو الحمدلة وسؤال
(١٨٩)