صغر صار هنيوة فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ثم أدغمت قال غيره لا يمنع ذلك إجازة الهمز فقد تقلب الياء همزة وقد وقع في رواية الكشميهني هنيهة بقلبها هاء وهي رواية إسحق والحميدي في مسنديهما عن جرير (قوله بأبي وأمي) الياء متعلقة بمحذوف اسم أو فعل والتقدير أنت مفدى أو أفديك واستدل به على جواز قول ذلك وزعم بعضهم أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم (قوله إسكاتك) بكسر أوله وهو بالرفع على الابتداء وقال المظهري شارح المصابيح هو بالنصب على أنه مفعول بفعل مقدر أي أسألك إسكاتك أو على نزع الخافض انتهى والذي في روايتنا بالرفع للأكثر ووقع في رواية المستملى والسرخسي بفتح الهمزة وضم السين على الاستفهام وفي رواية الحميدي ما تقول في سكتتك بين التكبير والقراءة ولمسلم أرأيت سكوتك وكله مشعر بأن هناك قولا لكونه قال ما تقول ولم يقل هل تقول نبه عليه ابن دقيق العيد قال ولعله استدل على أصل القول بحركة الفم كما استدل غيره على القراءة باضطراب اللحية (قلت) وسيأتي من حديث خباب بعد باب ونقل بن بطال عن الشافعي أن سبب هذه السكتة للإمام أن يقرأ المأموم فيها الفاتحة ثم اعترضه بأنه لو كان كذلك لقال في الجواب أسكت لكي يقرأ من خلفي ورده ابن المنير بأنه لا يلزم من كونه أخبره بصفة ما يقول أن لا يكون سبب السكوت ما ذكر انتهى وهذا النقل من أصله غير معروف عن الشافعي ولا عن أصحابه إلا أن الغزالي قال في الإحياء إن المأموم يقرأ الفاتحة إذا اشتغل الإمام بدعاء الافتتاح وخولف في ذلك بل أطلق المتولي وغيره كراهة تقديم المأموم قراءة الفاتحة على الإمام وفي وجه إن فرغها قبله بطلت صلاته والمعروف أن المأموم يقرؤها إذا سكت الإمام بين الفاتحة والسورة وهو الذي حكاه عياض وغيره عن الشافعي وقد نص الشافعي على أن المأموم يقول دعاء الافتتاح كما يقوله الإمام والسكتة التي بين الفاتحة والسورة ثبت فيها حديث سمرة عن أبي داود وغيره (قوله باعد) المراد بالمباعدة محو ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها وهو مجاز لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان وموقع التشبيه أن التقاء المشرق والمغرب مستحيل فكأنه أراد أن لا يبقى لها منه اقتراب بالكلية وقال الكرماني كرر لفظ بين لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض (قوله نقني) مجاز عن زوال الذنوب ومحو أثرها ولما كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به قاله ابن دقيق العيد (قوله بالماء والثلج والبرد) قال الخطابي ذكر الثلج والبرد تأكيدا أو لأنهما ما آن لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال وقال ابن دقيق العيد عبر بذلك عن غاية المحو فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء قال ويحتمل أن يكون المراد أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع بها المحو وكأنه كقوله تعالى واعف عنا واغفر لنا وارحمنا وأشار الطيبي إلى هذا بحثا فقال يمكن أن يكون المطلوب من ذكر الثلج والبرد بعد الماء شمول أنواع الرحمة والمغفرة بعد العفو لإطفاء حرارة عذاب النار التي هي في غاية الحرارة ومنه قولهم برد الله مضجعه أي رحمه ووقاه عذاب النار انتهى ويؤيده ورود وصف الماء بالبرودة في حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم وكأنه جعل الخطايا بمنزلة جهنم لكونها مسببة عنها فعبر عن إطفاء حرارتها بالغسل وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيا عن الماء إلى أبرد منه وقال التوربشتي خص هذه الثلاثة بالذكر لأنها منزلة من السماء وقال الكرماني يحتمل أن يكون في
(١٩١)