به والمعنى أن أمر نفوس العباد بيد الله أي بتقديره وتدبيره وفيه جواز القسم على الامر الذي لا شك فيه تنبيها على عظم شأنه وفيه الرد من كره أن يحلف بالله مطلقا (قوله لقد هممت) اللام جواب القسم والهم العزم وقيل دونه وزاد مسلم في أوله أنه صلى الله عليه وسلم فقدنا سافي بغض الصلوات فقال لقد هممت فأفاد ذكر سبب الحديث (قوله بحطب ليحطب) كذا للحموي والمستملي بلام التعليل وللكشميهني والباقين فيحطب بالفاء وكذا هو في الموطأ ومعنى يحطب يكسر ليسهل اشتعال النار به ويحتمل أن يكون أطلق عليه ذلك قبل أن يتصف به تجوزا بمعنى أنه سيتصف به (قوله ثم أخالف إلى رجال) أي آتيهم من خلفهم وقال الجوهري خالف إلى فلان أي أتاه إذا غاب عنه أو المعنى أخالف الفعل الذي أظهرت من إقامة الصلاة وأسير إليهم أو أخالف ظنهم في أني مشغول بالصلاة عن قصدي إليهم أو معنى أخالف أتخلف أي عن الصلاة إلى قصد المذكورين والتقييد بالرجال يخرج النساء والصبيان (قوله فأحرق) بالتشديد و المراد به التكثير يقال حرقه إذا بالغ في تحريقه (قوله عليهم) يشعر بان العقوبة ليست قاصرة على المال بل المراد تحريق المقصودين والبيوت تبعا للقاطنين بها وفي رواية مسلم من طريق أبي صالح فأحرق بيوتا على من فيها (قوله والذي نفسي بيده) فيه إعادة اليمين للمبالغة في التأكيد (قوله عرقا) بفتح العين المهملة وسكون الراء بعدها قاف قال الخليل العراق العظم بلا لحم وأن كان عليه لحم فهو عرق وفي المحكم عن الأصمعي العرق بسكون الراء قطعة لحم وقال الأزهري العرق واحد العراق وهي العظام التي يؤخذ منها هبر اللحم ويبقى عليها لحم رقيق فيكسر ويطبخ ويؤكل ما على العظام من لحم دقيق ويتشمس العظام يقال عرقت اللحم واعترقته وتعرقته إذا أخذت اللحم منه نهشا وفي المحكم جمع العرق على عراق بالضم عزيز وقول الأصمعي هو اللائق هنا (قوله أو مرماتين) تثنية مرماة بكسر الميم وحكى الفتح قال الخليل هي ما بين ظلفي الشاة وحكاه أبو عبيد وقال لا أدرى ما وجهه ونقله المستملى في روايته في كتاب الأحكام عن الفربري قال قال يونس عن محمد بن سليمان عن البخاري المرماة بكسر الميم مثل مسناة وميضاة ما بين ظلفي الشاة من اللحم قال عياض فالميم على هذا أصلية وقال الأخفش المرماة لعبة كانوا يلعبونها بنصال محدودة يرمونها في كوم من تراب فأيهم أثبتها في الكوم غلب وهي المرماة والمدحاة (قلت) ويبعد أن تكون هذه مراد الحديث لأجل التثنية وحكى الحربي عن الأصمعي أن المرماة سهم الهدف قال ويؤيده ما حدثني ثم ساق من طريق أبي رافع عن أبي هريرة نحو الحديث بلفظ لو أن أحدهم إذا شهد الصلاة معي كان له عظم من شاة سمينة أو سهمان لفعل وقيل المرماة سهم يتعلم عليه الرمي وهو سهم دقيق مستو غير محدد قال الزين بن المنير ويدل على ذلك التثنية فإنها مشعرة بتكرار الرمي بخلاف السهام المحددة الحربية فإنها لا يتكرر رميها وقال الزمخشري تفسير المرماة بالسهم ليس بوجيه ويدفعه ذكر العرق معه ووجهه بن الأثير بأنه لما ذكر العظم السمين وكان مما يؤكل أتبعه بالسهمين لأنهما مما يلهى به انتهى وإنما وصف العرق بالسمن والمرماة بالحسن ليكون ثم باعث نفساني على تحصيلهما وفيه الإشارة إلى ذم المتخلفين عن الصلاة بوصفهم بالحرص على الشئ الحقير من مطعوم أو ملعوب به مع التفريط فيما يحصل رفيع الدرجات ومنازل الكرامة وفي الحديث من الفوائد أيضا تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة وسره أن المفسدة إذا ارتفعت
(١٠٨)