حديث الباب بأجوبة منها ما تقدم ومنها وهو ثانيها ونقله إمام الحرمين عن ابن خزيمة والذي نقله عنه النووي الوجوب حسبما قال ابن بزيزة إن بعضهم استنبط من نفس الحديث عدم الوجوب لكونه صلى الله عليه وسلم هم بالتوجه إلى المتخلفين فلو كانت الجماعة فرض عين ما هم بتركها إذا توجه وتعقبه بأن الواجب يجوز تركه لما هو أوجب منه (قلت) وليس فيه أيضا دليل على أنه لفعل ذلك لم يتداركها في جماعة آخرين ومنها وهو ثالثها ما قال ابن بطال وغيره لو كانت فرضا لقال حين توعده بالإحراق من تخلف عن الجماعة لم تجزئه صلاته لأنه وقت البيان وتعقبه ابن دقيق العيد بأن البيان قد يكون بالتنصيص وقد يكون بالدلالة فلما قال صلى الله عليه وسلم لقد هممت إلى الآخرة دل على وجوب الحضور وهو كاف في البيان ومنها وهو رابعها ما قال الباجي وغيره إن الخبر ورد مورد الزجر وحقيقته غير مراده وإنما المراد المبالغة ويرشد إلى ذلك وعيدهم بالعقوبة التي يعاقب بها الكفار وقد أنعقد الإجماع على منع عقوبة المسلمين بذلك وأجيب بأن المنع وقع بعد نسخ التعذيب بالنار وكان قبل ذلك جائزا بدليل حديث أبي هريرة الآتي في الجهاد الدال على جواز التحريق بالنار ثم على نسخه فحمل التهديد على حقيقته غير ممتنع ومنها وهو خامسها كونه صلى الله عليه وسلم ترك تحريقهم بعد التهديد فلو كان واجبا ما عفا عنهم قال القاضي عياض ومن تبعه ليس في الحديث حجة لأنه عليه السلام هم ولم يفعل زاد النووي ولو كانت فرض عين لما تركهم وتعقبه ابن دقيق العيد فقال هذا ضعيف لأنه صلى الله عليه وسلم لايهم إلا بما يجوز له فعله لو فعله وأما الترك فلا يدل على عدم الوجوب لاحتمال أن الريح انزجروا بذلك وتركوا التخلف الذي ذمهم بسببه على أنه قد جاء في بعض الطرق بيان سبب الترك وهو فيما رواه أحمد من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون الحديث ومنها وهو سادسها أن المراد بالتهديد قوم تركوا الصلاة رأسا لا مجرد الجماعة وهو متعقب بأن في رواية مسلم لا يشهدون الصلاة أي لا يحضرون وفي رواية عجلان عن أبي هريرة عند أحمد لا يشهدون العشاء في الجميع أي في الجماعة وفي حديث أسامة بن زيد عند ابن ماجة مرفوعا لينتهين رجال عن تركهم الجماعات أو لأحرقن بيوتهم ومنها وهو سابعها أن الحديث ورد في الحث على مخالفة فعل أهل النفاق والتحذير من التشبه بهم لا لخصوص ترك الجماعة فلا يتم الدليل أشار إليه الزين بن المنير وهو قريب من الوجه الرابع ومنها وهو ثامنها أن الحديث ورد في حق المنافقين فليس التهديد لترك الجماعة بخصوصه فلا يتم الدليل وتعقب باستبعاد الاعتناء بتأديب المنافقين على تركهم الجماعة مع العلم بأنه لا صلاة لهم وبأنه كان معرضا عنهم وعن عقوبتهم مع علمه بطويتهم وقد قال لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وتعقب ابن دقيق العيد هذا التعقب بأنه لا يتم إلا إذا ادعى أن ترك معاقبة المنافقين كان واجبا عليه ولا دليل على ذلك فإذا ثبت أنه كان مخيرا فليس في إعراضه عنهم ما يدل على وجوب ترك عقوبتهم انتهى والذي يظهر لي أن الحديث ورد في المنافقين لقوله في صدر الحديث الآتي بعد أربعة أبواب ليس صلاة أثقل على المنافقين من العشاء والفجر الحديث ولقوله لو يعلم أحدهم الآخرة لأن هذا الوصف لائق بالمنافقين لا بالمؤمن الكامل لكن المراد به نفاق المعصية لا نفاق
(١٠٥)