الكفر بدليل قوله في رواية عجلان لا يشهدون العشاء في الجميع وقوله في حديث أسامة لا يشهدون الجماعة وأصرح من ذلك قوله في رواية يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عند أبي داود ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فهذا يدل على أن نفاقهم نفاق معصية لاكفر لأن الكافر لا يصلي في بيته إنما يصلي في المسجد رياء وسمعة فإذا خلا في بيته كان كما وصفه الله به من الكفر والاستهزاء نبه عليه القرطبي وأيضا فقوله في رواية المقبري لولا ما في البيوت من النساء والذرية يدل على أنهم لم الريح كفارا لأن تحريق بيت الكافر إذا تعين طريقا إلى الغلبة عليه لم يمنع ذلك وجود النساء والذرية في بيته وعلى تقدير أن يكون المراد بالنفاق في الحديث نفاق الكفر فلا يدل على عدم الوجوب لأنه يتضمن أن ترك الجماعة من صفات المنافقين وقد نهينا عن التشبه بهم وسياق الحديث يدل على الوجوب من جهة المبالغة في ذم من تخلف عنها قال الطبي خروج المؤمن من هذا الوعيد ليس من جهة أنهم إذا سمعوا النداء جاز لهم التخلف عن الجماعة بل من جهة أن التخلف ليس من شأنهم بل هو من صفات المنافقين ويدل عليه قول ابن مسعود لقد رأيتنا وما يتخلف عن الجماعة الا منافق رواه مسلم انتهى كلامه وروى ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور بإسناد صحيح عن أبي عمير بن أنس حدثني عمومتي من الأنصار قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يشهدهما منافق يعني العشاء والفجر ولا يقال فهذا يدل على ما ذهب إليه صاحب هذا الوجه لانتفاء أن يكون المؤمن قد يتخلف وإنما ورد الوعيد في حق من تخلف لأني أقول بل هذا يقوي ما ظهر لي أولا أن المراد نفاق المعصية لا نفاق الكفر فعلى هذا لذي خرج هو المؤمن الكامل لا العاصي الذي يجوز إطلاق النفاق عليه مجازا لما دل عليه مجموع الأحاديث ومنها وهو تاسعها ما ادعاه بعضهم أن فرضية الجماعة كانت في أول الإسلام لأجل سد باب التخلف عن الصلاة على المنافقين ثم نسخ حكاه عياض ويمكن أن يتقوى بثبوت نسخ الوعيد المذكور في حقهم وهو التحريق بالنار كما سيأتي واضحا في كتاب الجهاد وكذا ثبوت نسخ ما يتضمنه التحريق من جواز العقوبة بالمال ويدل على النسخ الأحاديث الواردة في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ كما سيأتي بيانه في الباب الذي بعد هذا لأن الأفضلية تقتضي الاشتراك في أصل الفضل ومن السري ذلك الجواز ومنها وهو عاشرها أن المراد بالصلاة الجمعة لا باقي الصلوات ونصره القرطبي وتعقب بالأحاديث المصرحة بالعشاء وفيه بحث لأن الأحاديث اختلفت في تعين الصلاة التي وقع التهديد بسببها هل هي الجمعة أو العشاء والفجر معا فإن لم تكن أحاديث مختلفة ولم يكن بعضها أرجح من بعض وإلا وقف الاستدلال لأنه لا يتم إلا إن تعين كونها غير الجمعة أشار إليه ابن دقيق العيد ثم قال فليتأمل الأحاديث الواردة في ذلك انتهى وقد تأملتها فرأيت التعيين ورد في حديث أبي هريرة وابن أم مكتوم وابن مسعود أما حديث أبي هريرة فحديث الباب من رواية الأعرج عنه يومى إلى أنها العشاء لقوله في آخره لشهد العشاء وفي رواية مسلم يعني العشاء ولهما من رواية أبي صالح عنه أيضا الإيماء إلى أنها العشاء والفجر وعينها السراج في رواية له من هذا الوجه العشاء حيث قال في صدر الحديث أخر العشاء ليلة فخرج فوجد الناس قليلا فغضب فذكر الحديث وفي رواية ابن حبان من هذا الوجه يعني الصلاتين العشاء والغداة وفي رواية عجلان والمقبري
(١٠٦)