وأما ما ذكرتم من العشرة كانت في أبي الحسن عليه السلام نور الله وجهه: فلعمري! أنها عندي للنهضة والاستقلال الذي أرجو به قطع الصراط والأمن والنجاة من الخوف يوم الفزع الأكبر، ولا أظن عملت عملا هو عندي أفضل من ذلك إلا أن أعود بمثلها إلى مثله، وأين لي بذلك! وأني لكم بتلك السعادة!
وأما قولكم: إني سفهت آراء آبائكم وأحلام أسلافكم: فكذلك قال مشركو قريش: " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " ويلكم! إن الدين لا يؤخذ إلا من الأنبياء، فافقهوا وما أراكم تعقلون!
وأما تعبيركم إياي بسياسة المجوس إياكم: فما أذهبكم الآنفة عن ذلك!
ولو ساستكم القردة والخنازير ما أردتم إلا أمير المؤمنين، ولعمري! لقد كانوا مجوسا فأسلموا كآبائنا وأمهاتنا في القديم، فهم المجوس الذين أسلموا، وأنتم المسلمون الذين ارتدوا، فمجوسي أسلم خير من مسلم ارتد، فهم يتناهون عن المنكر، ويأمرون بالمعروف، ويتقربون من الخير، ويتباعدون من الشر، ويذبون عن حرم المسلمين، يتباهجون بما نال الشرك وأهله من النكر، ويتباشرون بما نال الإسلام وأهله من الخير " منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ".
وليس منكم إلا لاعب بنفسه مأفون في عقله وتدبيره، إما مغن أو ضارب دف أو زامر، والله! لو أن بني أمية الذين قتلتموهم بالأمس نشروا، فقيل لهم: لا تأنفوا في معائب تنالونهم بها، لما زادوا على ما صيرتموه لكم شعارا ودثارا وصناعة وأخلاقا.
ليس فيكم إلا من إذا مسه الشر جزع وإذا مسه الخير منع، ولا تأنفون ولا ترجعون إلا خشية، وكيف يأنف من يبيت مركوبا ويصبح باثمه معجبا؟ كأنه قد اكتسب حمدا! غايته بطنه وفرجه، لا يبالي أن ينال شهوته