يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله.
فأشهد بالله! لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغرات نجومه، يميل في محرابه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا يا ربنا، يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا: إلي تغررت إلي تشوقت؟ هيهات! هيهات! غري غيري، قد تبتك ثلاثا: فعمرك قصير ومجلسك حقير وخطرك يسير، آه آه! من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.
فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء فقال: كذا كان أبو الحسن - رحمه الله - كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها في حجرها، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها. ثم قال وخرج (1).