ما جزعي إلا لما أخذت الحق من أربابه! والله لئن وليته ليحملنهم على المحجة العظمى وإن يطيعوه يدخلهم الجنة.
فهو يقول هذا، ثم صيراها شورى بين ستة، فويل له من ربه!
قال أبو الهذيل: بينا هو يكلمني إذ اختلط وذهب عقله! فأخبرت المأمون بقصته. وكان من قصته أن ذهب بماله وضياعه حيلة وغدرا فبعث إليه المأمون فجاء به وعالجه، وكان قد ذهب عقله بما صنع به، فرد عليه ماله وضياعه وصيره نديما. فكان المأمون يتشيع من أجله (1).
أقول: لا بأس هنا بنقل احتجاج المأمون مع العلماء، وإن كان خارجا عن شرط الكتاب.
(209) المأموم العباسي مع أهل الحديث والكلام روي عن إسحاق بن حماد بن زيد، قال: سمعنا يحيى بن أكثم القاضي قال: أمرني المأمون بإحضار جماعة من أهل الحديث وجماعة من أهل الكلام والنظر، فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين رجلا، ثم مضيت بهم فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لا علمه بمكانهم، ففعلوا، فأعلمته، فأمرني بإدخالهم، ففعلت، فدخلوا وسلموا، فحدثهم ساعة وآنسهم.
ثم قال: إني أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة، فمن كان حاقنا أو به حاجة فليقم إلى قضاء حاجته، وانبسطوا وسلموا أخفافكم وضعوا أرديتكم، ففعلوا ما أمروا به.
فقال: يا أيها القوم! إنما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله عز وجل، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وإمامكم! ولا تمنعكم جلالتي ومكاني من قول