وقد جئت لمناظرة أصحابك.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: كلامك من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أو من عندك؟ فقال: من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ومن عندي، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأنت إذا شريك رسول الله صلى الله عليه وآله؟! قال: لا. قال: فسمعت الوحي عن الله عز وجل يخبرك؟
قال: لا. قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لا.
فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلي، فقال: يا يونس بن يعقوب! هذا قد خصم نفسه قبل أن يتكلم. ثم قال: يا يونس! لو كنت تحسن الكلام كلمته. قال: يونس: فيا لها من حسرة! فقلت: جعلت فداك! إني سمعتك تنهى عن الكلام وتقول: ويل لأصحاب الكلام! يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما قلت: فويل لهم إن تركوا ما أقول وذهبوا إلى ما يريدون.
ثم قال لي: أخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فأدخله.
قال: فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام، وأدخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام، وأدخلت قيس الماصر وكان عندي أحسنهم كلاما وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما السلام.
فلما استقر بنا المجلس - وكان أبو عبد الله عليه السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة - قال: فأخرج أبو عبد الله عليه السلام رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخب، فقال: هشام ورب الكعبة!
قال: فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له.