قوم إذا شهدوا الهياج فلا * ضرب ينهنههم ولا زجر وكأنهم آساد غينة قد * غرثت وبل متونها القطر فلتكونن منهم بحيث أعددت ليلة الهرير للهرب فرسك وكان أكبر همك سلامة حشاشة نفسك، ولولا طغام من أهل الشام وقوك بأنفسهم وبذلوا دونك مهجهم حتى إذا ذاقوا وخز الشفار وأيقنوا بحلول الدمار رفعوا المصاحف مستجيرين بها وعائذين بعصمتها، لكنت شلوا مطروحا بالعراء تسفي عليك رياحها ويعتورك ذبابها.
وما أقول هذا أريد صرفك عن عزيمتك، ولا إزالتك عن معقود نيتك، لكن الرحم التي تعطف عليك والأوامر التي توجب صرف النصيحة إليك.
فقال: معاوية لله درك يا ابن عباس! ما تكشف الأيام منك إلا عن سيف صقيل ورأي أصيل، وبالله لو لم يلد هاشم غيرك لما نقص عددهم، ولو لم يكن لأهلك سواك لكان الله قد كثرهم.
ثم نهض، فقام ابن عباس وانصرف (1).
(87) ابن عباس وعتبة بن أبي سفيان قال عمرو بن العاص لعتبة ابن أبي سفيان يوم الحكمين: أما ترى ابن عباس قد فتح عينيه ونشر أذنيه؟ ولو قدر أن يتكلم بهما فعل! وإن غفلة أصحابه لمجبورة بفطنته، وهي ساعتنا الطولى فاكفنيه. قال عتبة: بجهدي.
قال: فقمت فقعدت إلى جانبه، فلما أخذ القوم في الكلام أقبلت عليه بالحديث فقرع يدي وقال: ليست ساعة حديث، قال: فأظهرت غضبا وقلت:
يا ابن عباس، إن ثقتك بأحلامنا أسرعت بك إلى أعراضنا، وقد والله تقدم.