المهدي يحقن دمائكم إلا بحقها.
وأما ما كنت أردته من البيعة لعلي بن موسى بعد استحقاق منه لها في نفسه واختيار مني له: فما كان ذلك مني إلا أن أكون الحاقن لدمائكم والذائد عنكم باستدامته المودة بيننا وبينهم وهي الطريق أسلكها في إكرام آل أبي طالب ومواساتهم في الفيئ بيسير ما يصيبهم منه.
وإن تزعموا أني أردت أن يؤول إليهم عاقبة ومنفعة، فإني في تدبيركم والنظر لكم ولعقبكم وأبنائكم من بعدكم، وأنتم ساهون لاهون تائهون في غمرة تعمهون، لا تعلمون ما يراد بكم وما أظللتم عليه من النقمة وابتزاز النعمة، همة أحدكم أن يمسي مركوبا ويصبح مخمورا، تباهون بالمعاصي وتبتهجون بها وآلهتكم البرابط، مخنثون مؤنثون، لا يتفكر متفكر منكم في إصلاح معيشة ولا استدامة نعمة ولا اصطناع مكرمة ولا كسب حسنة يمد بها عنقه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أضعتم الصلاة، واتبعتم الشهوات، وأكببتم على اللذات [عن النغمات] (1)، فسوف تلقون غيا.
وأيم الله! لربما أفكر في أمركم فلا أجد أمة من الأمم استحقوا العذاب حتى نزل بهم لخلة من الخلال إلا أصيب تلك الخلة بعينها فيكم مع خلال كثيرة، لم أكن أظن أن إبليس اهتدى إليها ولا أمر بالعمل عليها! وقد أخبر الله تعالى في كتابه العزيز عن قوم صالح أنه كان فيهم تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فأيكم ليس معه تسعة وتسعون من المفسدين في الأرض؟ قد اتخذتموهم شعارا ودثارا، استخفافا بالمعاد وقلة يقين بالحساب، وأيكم له رأي يتبع وروية تنفع؟ فشاهت الوجوه وعفرت الخدود!