انظروا، فإن كان القوم أخذوا حقكم فاطلبوهم، وإن كانوا أخذوا حقهم فسلموا إليهم، فإنه لا ينفعكم أن تروا لأنفسكم ما لا يراه الناس لكم.
فقال ابن عباس: ندعي هذا الأمر بحق من لولا حقه لم تقعد مقعدك هذا.
ونقول: كان ترك الناس أن يرضوا بنا ويجتمعوا علينا حقا ضيعوه وحظا حرموه، وقد اجتمعوا على ذي فضل لم يخطئ الورد والصدر، ولا ينقص فضل ذي فضل فضل غيره عليه، قال الله عز وجل " ويؤت كل ذي فضل فضله ".
فأما الذي منعنا من طلب هذا الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعهد منه إلينا قبلنا فيه قوله ودنا بتأويله، ولو أمرنا أن نأخذه على الوجه الذي نهانا عنه لأخذناه أو أعذرنا فيه، ولا يعاب أحد على ترك حقه، إنما المعيب من يطلب ما ليس له، وكل صواب نافع وليس كل خطأ ضارا. انتهت القضية إلى داود وسليمان فلم يفهمها داود وفهمها سليمان، ولم يضر داود.
فأما القرابة: فقد نفعت المشرك وهي للمؤمن أنفع، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أنت عمي وصنو أبي، ومن أبغض العباس فقد أبغضني، وهجرتك آخر الهجرة، كما أن نبوتي آخر النبوة " وقال لأبي طالب عند موته:
" يا عم، قل لا إله إلا الله أشفع لك بها غدا " وليس ذلك لأحد من الناس، قال الله تعالى: " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما " (1).
(92) ابن عباس ومعاوية حدثني أحد الهاشميين أن ملك الروم وجه إلى معاوية بقارورة، فقال: