وبلغ عمرو بن الحجاج أن هانئا قد قتل! فأقبل في مذحج حتى أحاط بالقصر ومعه جمع عظيم، وقال: أنا عمرو بن الحجاج، وهذه فرسان مذحج ووجوهها، لم نخلع طاعة ولم نفارق جماعة، وقد بلغهم أن صاحبهم قد قتل، فأعظموا ذلك.
فقيل لعبيد الله بن زياد: وهذه فرسان مذحج بالباب؟! فقال لشريح القاضي: أدخل على صاحبهم فانظر إليه، ثم اخرج فأعلمهم أنه حي لم يقتل، فدخل شريح فنظر إليه فقال هاني لما رأى شريحا: يا لله! يا للمسلمين!
أهلكت عشيرتي، أين أهل الدين؟ أين أهل المصر؟ والدماء تسيل على لحيته، إذ سمع الضجة على باب القصر، فقال: إني لأظنها أصوات مذحج وشيعتي من المسلمين، إنه إن دخل علي عشرة نفر أنقذوني.
فلما سمع كلامه شريح خرج إليهم، فقال لهم: إن الأمير لما بلغه كلامكم ومقالتكم في صاحبكم أمرني بالدخول إليه، فأتيته فنطرت إليه، فأمرني أن ألقاكم وأعرفكم أنه حي، وأن الذي بلغكم من قتله باطل.
فقال له عمرو بن الحجاج وأصحابه: أما إذ لم يقتل فالحمد لله، ثم انصرفوا! الحديث (1).
(253) دخول مسلم على ابن زياد فلما دخل لم يسلم عليه بالإمرة فقال له الحرسي: ألا تسلم على الأمير؟
فقال: إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه؟ وإن كان لا يريد قتلي فليكثرن سلامي عليه، فقال له ابن زياد: لعمري لتقتلن! قال: كذلك؟ قال: نعم، قال: فدعني أوصي إلى بعض قومي، قال: افعل.