(178) صعصعة ومعاوية حدث الهيثم، عن أبي سفيان عمرو بن يزيد، عن البراء بن يزيد، عن محمد بن عبد الله بن الحارث الطائي، ثم أحد بني عفان قال: لما انصرف علي عليه السلام من الجمل قال لآذنه: من بالباب من وجوه العرب؟ قال: محمد بن عمير بن عطارد التيمي والأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان العبدي في رجال سماهم، فقال: إئذن لهم. فدخلوا فسلموا [عليه] بالخلافة، فقال لهم:
أنتم وجوه العرب عندي ورؤساء أصحابي فأشيروا علي في أمر هذا الغلام المترف - يعني معاوية - فافتنت بهم المشورة عليه. فقال صعصعة.
إن معاوية أترفه الهوى وحببت إليه الدنيا، فهانت عليه مصارع الرجال وابتاع آخرته بدنياهم، فإن تعمل فيه برأي ترشد وتصب إن شاء الله، والتوفيق بالله وبرسوله وبك يا أمير المؤمنين! والرأي أن ترسل إليه عينا من عيونك وثقة من ثقاتك بكتاب تدعوه إلى بيعتك فإن أجاب وأناب كان له ما لك وعليه ما عليك، وإلا جاهدته وصبرت لقضاء الله حتى يأتيك اليقين.
فقال علي عليه السلام: عزمت عليك يا صعصة إلا كتبت الكتاب بيديك وتوجهت به إلى معاوية واجعل صدر الكتاب تحذيرا وتخويفا وعجزه استتابة واستنابة، وليكن فاتحة الكتاب " بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية، سلام عليك، أما بعد " ثم اكتب ما أشرت به علي واجعل عنوان الكتاب " ألا إلى الله تصير الأمور "، قال: اعفني من ذلك. قال:
عزمت عليك لتفعلن! قال: أفعل.
فخرج بالكتاب وتجهز وسار حتى ورد دمشق، فأتى باب معاوية، فقال لآذنه: استأذن لرسول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وبالباب أزفلة من بني