يا أبا مروان! إن الله - تعالى ذكره - لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح وييقن ما شك فيه، وترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم يردون إليه شكهم وحيرتهم ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟ قال: فسكت ولم يقل شيئا. قال: ثم التفت إلي، فقال: أنت هشام؟ فقلت: لا، فقال لي: أجالسته؟ فقلت: لا.
قال: فمن أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: فأنت إذا هو. قال: ثم ضمني إليه وأقعدني في مجلسه وما نطق حتى قمت.
فضحك أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: يا هشام! من علمك هذا؟ قال:
قلت: يا ابن رسول الله! جرى على لساني. قال: يا هشام! هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى (1).
(200) هشام بن الحكم والديصاني عن عدة من أصحابنا: أن عبد الله الديصاني أتى هشام بن الحكم. فقال له: ألك رب؟ فقال: بلى. قال: قادر؟ قال: بلى قادر قاهر. قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلها في بيضة لا تكبر البيضة ولا تصغر الدنيا؟ فقال: هشام:
النظرة. فقال له: قد أنظرتك حولا، ثم خرج عنه.
فركب هشام إلى أبي عبد الله عليه إسلام فاستأذن عليه، فأذن له.
فقال: يا ابن رسول الله! أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله وعليك. فقال: أبو عبد الله عليه السلام: عما ذا سألك؟ فقال: قال لي: كيت وكيت.