وشئ آخر: وهو أنه لو احتمل معنى لا يقتضي الفضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام لما احتج به أمير المؤمنين عليه السلام يوم الدار، ولا جعله شاهدا على أنه أفضل من الجماعة، وذلك: أنه لو لم يكن الأمر على ما وصفناه وكان محتملا لما ظنه المخالفون - من أنه سأل ربه تعالى أن يأتيه بأحب الخلق إليه في الأكل معه - لما أمن أمير المؤمنين عليه السلام من أن يتعلق بذلك بعض خصومه في الحال أو يشتبه ذلك على إنسان، فلما احتج به على القوم واعتمده في البرهان دل على أنه لم يك مفهوما منه إلا فضله. وكان إعراض الجماعة أيضا عن دفاعه عن ذلك بتسليم ما ادعي دليلا على صحة ما ذكرناه.
وهذا بعينه يسقط قول من زعم: أنه يجوز مع إطلاق النبي صلى الله عليه وآله في أمير المؤمنين عليه السلام ما يقتضي فضله عند الله تعالى على الكافة وجود من هو أفضل منه في المستقبل، لأنه لو جاز ذلك لما عدل القوم عن الاعتماد عليه، ولجعلوه شبهة في منعه مما ادعاه من القطع على نقصانهم عن في الفضل، وفي عدول القوم عن ذلك دليل على أن القول مقيد بإطلاق فضله عليه السلام ومؤمن من بلوغ أحد منزلته في الثواب بشئ من الأعمال، وهذا بين لمن تدبره (1).
(3) المفيد مع أبي بكر بن صراما ومن حكايات الشيخ أدام الله عزه وكلامه: حضر الشيخ مجلس أبي منصور ابن المرزبان، وكان بالحضرة جماعة من متكلمي المعتزلة، فجرى كلام وخوض في شجاعة الإمام.
فقال أبو بكر بن صراما: عندي أن أبا بكر الصديق كان من شجعان