(191) السيد الحميري وسوار القاضي ومما حكى الشيخ رحمه الله قال: قال الحارث بن عبد الله الربعي: كنت جالسا في مجلس المنصور وهو بالجسر الأكبر وسوار القاضي عنده والسيد الحميري ينشده:
إن الإله الذي لا شئ يشبهه * أتاكم الملك للدينا وللدين أتاكم الله ملكا لا زوال له * حتى يقاد إليكم صاحب الصين وصاحب الهند مأخوذ برمته * وصاحب الترك محبوس على هون حتى أتى على القصيدة والمنصور مسرور.
فقال سوار: إن هذا والله يا أمير المؤمنين يعطيك بلسانه ما ليس في قلبه! والله إن القوم الذين يدين بحبهم لغيركم، وإنه لينطوي على عداوتكم.
فقال السيد: والله! إنه لكاذب، وإنني في مدحتك لصادق، وإنه حمله الحسد إذ رآك على هذه الحال، وإن انقطاعي إليكم ومودتي لكم أهل البيت لمعرق فيها من أبوي، وإن هذا وقومه لأعداءكم في الجاهلية والإسلام، وقد أنزل الله عز وجل على نبيه عليه الصلاة والسلام في أهل بيت هذا " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون " فقال المنصور: صدقت.
فقال سوار: يا أمير المؤمنين! إنه يقول بالرجعة، ويتناول الشيخين بالسب والوقيعة فيهما.
فقال السيد: أما قوله: إني بالرجعة، فإني أقول بذلك على ما قال الله تعالى: " ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " وقد قال في موضع آخر " وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " فعلمنا أن هاهنا حشرين:
أحدهما عام، والآخر خاص، وقال سبحانه: " ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين