(83) ابن عباس وعثمان نزل عثمان من المنبر - بعد أن خطب في جواب المعترضين عليه في بناء داره بالمدينة وكلامه مع أمير المؤمنين - فأتى منزله، وأتاه الناس وفيهم ابن عباس، فلما أخذوا مجالسهم أقبل على ابن عباس، فقال: ما لي ولكم يا ابن عباس؟
ما غراكم بي وأولعكم بتعقب أمري! أتنقمون علي أمر العامة؟ أتيت من وراء حقوقهم أم أمركم؟ فقد جعلتهم يتمنون منزلتكم. لا والله، لكن الحسد والبغي وتثوير الشر وإحياء الفتن، والله لقد ألقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلي ذلك، وأخبرني به عن أهله واحدا واحدا، والله ما كذبت ولا أنا بمكذوب.
فقال ابن عباس: على رسلك يا أمير المؤمنين، فوالله ما عهدتك جهرا بسرك ولا مظهرا ما في نفسك، فما الذي هيجك وثورك؟ إنا لم يولعنا بك أمر ولم نتعقب أمرك بشئ أتيت بالكذب وتسوق عليك بالباطل، والله ما نقمنا عليك لنا ولا للعامة قد أوتيت من وراء حقوقنا وحقوقهم وقضيت ما يلزمك لنا ولهم. فأما الحسد والبغي وتثوير الفتن وإحياء الشر فمتى رضيت به عترة النبي وأهل بيته؟ وكيف وهم منه وإليه؟ على دين الله يتثورون الشر، أم على الله يحبون الفتن؟ كلا، ليس البغي ولا الحسد من طباعهم، فاتئد يا أمير المؤمنين وأبصر أمرك وأمسك عليك، فإن حالتك الأولى خير من حالتك الأخرى، لعمري إن كنت لأثيرا عند رسول الله وإن كان ليفضي إليك بسره ما يطويه عن غيرك، ولا كذبت ولا أنت بمكذوب، اخس الشيطان عنك لا يركبك، وأغلب غضبك ولا يغلبك، فما دعاك إلى هذا الأمر الذي كان منك؟
قال: دعاني إليه ابن عمك علي بن أبي طالب! فقال ابن عباس: وعسى أن يكذب مبلغك، قال عثمان: إنه ثقة، قال ابن عباس: إنه ليس بثقة من