فريقين من بني هاشم وبني أمية، خشي أن يعظم البلاء، فقال: إن عندي من هذا الحائط لعلما. قالوا: فقل بعلمك، فقد رضينا، فقال معاوية: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعله لا سامة بن زيد، قم يا أسامة، فاقبض حائطك هنيئا مريئا. فقام أسامة والهاشميون فجزوا معاوية خيرا.
فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية، فقال: لا جزاك الله عن الرحم خيرا!
ما زدت على أن كذبت قولنا، وفسخت حجتنا، وأشمت بنا عدونا. فقال معاوية: ويحك يا عمرو! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا ذكرت أعينهم تدور إلي من تحت المغافر بصفين وكاد يختلط علي عقلي، وما يؤمنني يا ابن عثمان منهم؟ وقد أحلوا بأبيك ما أحلوا ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم، فانصرف، فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله (1).
(242) عبيد الله بن عباس وبسر اجتمع عبيد الله بن العباس من بعد - أي بعد قتل بسر ابنيه في اليمن - وبسر ابن أرطاة عند معاوية، فقال معاوية لعبيد الله: أتعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين؟ قال بسر: نعم أنا قاتلهما، فمه؟ فقال عبيد الله: لو أن لي سيفا! قال بسر: فهاك سيفي - وأومأ إلى سيفه - فزبره معاوية وانتهره وقال: أف لك من شيخ ما أحمقك! تعمد إلى رجل قد قتلت ابنيه فتعطيه سيفك! كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم، والله لو دفعته إليه لبدأ بك، وثنى بي! فقال عبيد الله: بل والله كنت أبدء بك واثني به! (2).