فقال له ابن زياد: يا فاسق! إن نفسك منتك ما حال الله دونه، ولم يرك الله له أهلا، فقال مسلم: فمن أهله إذا لم نكن نحن أهله؟ فقال ابن زياد:
أمير المؤمنين يزيد! فقال مسلم: الحمد لله على كل حال، رضينا بالله حكما بيننا وبينك، فقال له ابن زياد: قتلني الله إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الإسلام من الناس.
فقال له مسلم: أما إنك أحق من أحدث في الإسلام ما لم يكن، وأنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السيرة ولؤم الغلبة، لا أحد أولى بها منك.
فأقبل ابن زياد يشتمه، ويشتم الحسين وعليا وعقيلا، وأخذ مسلم لا يكلمه، الحديث (1).
(254) سودة ومعاوية روي أن سودة بنت عمارة الهمدانية دخلت على معاوية بعد موت علي، فجعل يؤنبها على تحريضها عليه أيام صفين، وآل أمره إلى أن قال: ما حاجتك؟
قالت: إن الله مسائلك عن أمرنا وما افترض عليك من حقنا، ولا يزال يتقدم علينا من قبلك من يسمو بمكانك ويبطش بقوة سلطانك، فيحصدنا حصيد السنبل ويدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف ويذيقنا الحتف، هذا بسر بن أرطاة قدم علينا فقتل رجالنا وأخذ أموالنا، ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة، فإن عزلته عنا شكرناك، وإلا كفرناك.
فقال معاوية: إياي تهددين بقومك يا سودة! لقد هممت أن أحملك على قتب أشوس فأردك إليه، فينفذ فيك حكمه، فأطرقت سودة ساعة، ثم قالت:
صلى الإله على روح تضمنها * قبر فأصبح العدل فيه مدفونا