- رضوان الله عليه - ووجدوا إلى ذلك سبيلا لدفعوه.
فأما تقديمكم العباس عليه: فإن الله تعالى يقول: " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله " والله! لو كان ما في أمير المؤمنين من المناقب والفضائل والآي المفسرة في القرآن خلة واحدة في رجل واحد من رجالكم أو غيره لكان مستأهلا متأهلا للخلافة مقدما على أصحاب رسول الله بتلك الخلة.
ثم لم يزل الأمور تتراقى به إلى أن ولي أمور المسلمين، فلم يعن بأحد من بني هاشم إلا بعد الله بن عباس تعظيما لحقه وصلة لرحمه وثقة به، فكان من أمره الذي يغفر الله له. ثم نحن وهم يد واحدة كما زعمتم، حتى قضى الله تعالى بالأمر إلينا، فأخفناهم وضيقنا عليهم وقتلناهم أكثر من قتل بني أمية إياهم!
ويحكم! إن بني أمية إنما قتلوا منهم من سل سيفا، وإنا معاشر بني العباس قتلناهم جملا! فتسألن أعظم الهاشمية بأي ذنب قتلت؟ ولتسألن نفوس ألقيت في دجلة والفرات ونفوس دفنت ببغداد والكوفة أحياء، هيهات! إنه من يعمل مثال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
وأما ما وصفتم من أمر المخلوع وما كان فيه من لبس فلعمري! ما لبس عليه أحد غيركم، إذ هويتم عليه النكث وزينتم له الغدر، وقلتم له: ما عسى أن يكون من أمر أخيك هو رجل مغرب ومعك الأموال والرجال، نبعث إليه فيؤتى به، فكذبتم ودبرتم ونسيتم قول الله تعالى: " ومن بغي عليه لينصرنه الله " وأما ما ذكرتم من استبصار المأمون في البيعة لأبي الحسن الرضا عليه السلام فما بايع له المأمون إلا مستبصرا في أمره، عالما بأنه لم يبق أحد على ظهرها أبين فضلا ولا أظهر عفة ولا أورع ورعا ولا أزهد زهدا في الدنيا ولا أطلق نفسا ولا أرضى في الخاصة والعامة ولا أشد في ذات الله منه، وأن