فلما قبضه، قال: ألست من السمحاء الذين ذكرت؟ فقال: إن كان لك مال غير مال المسلمين أصبته حلالا وأنفقته إفضالا فنعم، وإن كان مال المسلمين احتجبته دونهم أصبته اقتراقا وأنفقته إسرافا، فإن الله يقول: " إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين " (1).
(18) محمد بن الحنفية مع عبد الله بن الزبير عن سعيد بن جبير، قال: خطب عبد الله بن الزبير، فنال من علي عليه السلام فبلغ ذلك محمد بن الحنفية، فجاء إليه وهو يخطب. فوضع له كرسي فقطع عليه خطبته، وقال: يا معشر العرب شاهت الوجوه! أينتقص علي وأنتم حضور؟ إن عليا كان يد الله على أعداء الله وصاعقة من أمره، أرسله على الكافرين والجاحدين لحقه، فقتلهم بكفرهم، فشنؤوه وأبغضوه وأضمروا له السيف والحسد وابن عمه صلى الله عليه وآله حي بعد لم يمت. فلما نقله الله إلى جواره وأحب له ما عنده أظهرت له رجال أحقادها وشفت أضغانها، فمنهم من ابتزه حقه، ومنهم من ائتمر به ليقتله، ومنهم من شتمه وقذفه بالأباطيل.
فإن يكن لذريته وناصري دعوته دولة تنشر عظامهم وتحفر على أجسادهم والأبدان منهم يومئذ. بالية بعد أن تقتل الأحياء منهم وتذل رقابهم، فيكون الله عز اسمه قد عذبهم بأيدينا وأخزاهم ونصرنا عليهم وشفى صدورنا منهم. إنه والله ما يشتم عليا إلا كافر يسر شتم رسول الله صلى الله عليه وآله ويخاف أن يبوح به، فيكني بشتم علي عليه السلام عنه. أما إنه قد تخطت المنية منكم من امتد عمره وسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله فيه: " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.