الصفة التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه الله أمواتا لا يقال: أماته، وإنما يقال ذلك فيمن طرأ عليه الموت بعد الحياة، كذلك لا يقال: أحيا الله ميتا، إلا أن يكون قد كان قبل إحيائه ميتا. وهذا بين لمن تأمله.
وقد زعم بعضهم أن المراد بقوله: " ربنا أمتنا اثنتين " الموتة التي تكون بعد حياتهم في القبور للمسألة، فتكون الأولى قبل الإقبار والثانية بعده. وهذا أيضا باطل من وجه آخر، وهو أن الحياة للمسألة ليست للتكليف، فيندم الإنسان على ما فاته في حاله. وندم القوم على ما فاتهم في حياتهم المرتين يدل على أنه لم يرد حياة المسألة، لكنه أراد حياة الرجعة التي تكون لتكيفهم الندم على تفريطهم، فلا يفعلون ذلك، فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك (1).
(194) هشام بن الحكم مع ضرار بن عمرو قال السيد المرتضى - رضي الله عنه - في كتاب الفصول: أخبرني الشيخ - أيده الله - قال: دخل ضرار بن عمرو الضبي على يحيى بن خالد البرمكي، فقال له: يا أبا عمرو! هل لك في مناظرة رجل هو ركن الشيعة؟ فقال ضرار:
هلم من شئت.
فبعث إلى هشام بن الحكم فأحضره، فقال: يا أبا محمد! هذا ضرار، وهو من قد علمت في الكلام والخلاف لك، فكلمه في الإمامة. فقال: نعم. ثم أقبل على ضرار، فقال: يا أبا عمرو! خبرني على ما تجب الولاية والبراءة، على الظاهر أم على الباطن؟ فقال ضرار: بل على الظاهر، فإن الباطن لا يدرك إلا بالوحي. فقال هشام: صدقت، فخبرني الآن أي الرجلين كان أذب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله بالسيف، وأقتل لأعداء الله عز وجل بين يديه،