خدرة: نعم. قال أبو جعفر: فقد أخرج صاحبك في الغار ما السكينة وخصه بالحزن، ومكان علي عليه السلام في هذه الليلة على فراش النبي صلى الله عليه وآله وبذل مهجته دونه أفضل من مكان صاحبك في الغار، فقال الناس: صدقت. فقال أبو جعفر: يا ابن أبي خدرة! ذهب نصف دينك.
وأما قولك: ثاني اثنين الصديق من الأمة، أوجب الله على صاحبك الاستغفار لعلي بن أبي طالب عليه السلام في قوله عز وجل: " والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " إلى آخر الآية. والذي ادعيت إنما هو شئ سماه الناس، ومن سماه القرآن وشهد له بالصدق والتصديق أولى به ممن سماه الناس، وقد قال علي عليه السلام على منبر البصرة: " أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن آمن أبو بكر وصدقت قبله " قال الناس: صدقت.
قال أبو جعفر مؤمن الطاق: يا ابن أبي خدرة! ذهب ثلاث أرباع دينك.
وأما قولك في الصلاة بالناس: كنت ادعيت لصاحبك فضيلة لم تقم له، وإنها إلى التهمة أقرب منها إلى الفضيلة، فلو كان ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله لما عزله عن تلك الصلاة بعينها، أما علمت أنه لما تقدم أبو بكر ليصلي بالناس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فتقدم وصلى بالناس وعزله عنها؟ ولا تخلو هذه الصلاة من أحد وجهين: إما أن تكون حيلة وقعت منه فلما حس النبي صلى الله عليه وآله بذلك خرج مبادرا مع علته فنحاه عنها لكي لا يحتج بعد على أمته فيكونوا في ذلك معذورين، وإما أن يكون هو الذي أمره بذلك وكان ذلك مفوضا إليه كما في قصة تبليغ براءة فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك، فبعث عليا عليه السلام في طلبه وأخذها منه وعزله عنها وعن تبليغها؟