(182) صعصعة ورجل وقف رجل من بني فزارة على صعصعة، فأسمعه كلاما منه: بسطت لسانك يا ابن صوحان على الناس فتهيبوك، أما لئن شئت لأكونن لك لصاقا، فلا تنطق إلا حددت لسانك بأذرب من ظبة السيف بعضب قوي ولسان علي، ثم لا يكون لك في ذلك حل ولا ترحال.
فقال صعصعة: لو أجد غرضا منك لرميت، بل أرى شبحا، ولا أرى مثالا إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، أما لو كنت كفوا لرميت حصائلك بأذرب من ذلك السنان، ولرشقتك بنبال تردعك عن النضال، ولخطمتك بخطام يخرم منك موضع الزمام.
فاتصل الكلام بابن عباس فاستضحك من الفزاري! وقال: أما لو كلف أخو فزارة نفسه نقل الصخور من جبال شمام إلى الهضام، لكان أهون عليه من منازعة أخي عبد القيس، خاب أبوه ما أجهله! يستجهل أخا عبد القيس وقواه المريرة، ثم تمثل:
صبت عليك ولم تنصب من أمم * إن الشقاء على الأشقين مصبوب (1).
أخبرني رجل من الأزد، قال: نظرت إلى أبي أيوب الأنصاري في يوم النهروان، وقد علا عبد الله بن وهب الراسبي فضربه ضربة على كتفه فأبان يده، وقال: بؤبها إلى النار يا مارق! فقال عبد الله: ستعلم أينا أولى بها صليا، قال: وأبيك إني لأعلم.
إذ أقبل صعصعة بن صوحان فوقف وقال: أولى بها والله صليا من ضل في