وينتهي، ولعمري! لو كانت الأمور تقضي على رأيكم وأهواء كم ما استقام الأمر لأهل الإسلام يوما ولا ليلة، فعاودوا الخير وقولوه، فإن الله ذو سطوات، وإني خائف عليكم أن تتابعوا إلى مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن فيحلكم ذلك دار الهوان في العاجل والآجل.
فوثبوا على معاوية فأخذوا برأسه ولحيته. فقال: مه! إن هذه ليست بأرض الكوفة، والله! لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي [وأنات إمامهم] ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم، فلعمري! إن صنيعتكم يشبه بعضه بعضا (1).
(186) ابن عباس وصعصعة مع الخوارج قال البلاذري: ثم قامت خطباء الحرورية - أي الخوارج -.... فقالوا:
دعوتنا إلى كتاب الله والعمل به فأجبناك وبايعناك [و] قد قتلت في طاعتك قتلانا يوم الجمل ويوم صفين، ثم شككت في أمر الله وحكمت عدوك، ونحن على أمرك الذي تركت وأنت اليوم على غيره، فلسنا منك إلا أن تتوب منه وتشهد على نفسك بالضلالة.
فلما فرغوا من قولهم قال علي:
أما أن أشهد على نفسي بالضلالة: فمعاذ الله! أن أكون ارتبت منذ أسلمت أو ضللت منذ اهتديت، بل بنا هداكم الله من الضلالة واستنقذكم من الكفر وعصمكم من الجهالة، وإنما حكمت الحكمين بكتاب الله والسنة الجامعة غير المفرقة، فإن حكما بكتاب الله كنت أولى بالأمر من حكمهما، وإن حكما بغير ذلك لم يكن لهما علي وعليكم حكم.
ثم تفرقوا فأعاد إليهم عبد الله بن عباس وصعصعة [بن صوحان] فقال لهم