صعصعة: أذكركم الله! أن تجعلوا فتنة العام مخافة فتنة عام قابل.
فقال ابن الكواء: أكنتم تعلمون أني دعوتكم إلى هذا الأمر؟ فقالوا: بلى.
قال: فإني أول من أطاع هذا الرجل، فإنه واعظ شفيق. فخرج معه منهم نحو من خمسمائة فدخلوا في جملة علي وجماعته (1).
(187) محمد بن أبي بكر ومعاوية 1 - كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية:
من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر، سلام على أهل طاعة الله ممن هو سلم لأهل ولاية الله.
أما بعد: فإن الله بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته خلق خلقا بلا عبث ولا ضعف في قوته لا حاجة به إلى خلقهم، ولكنه خلقهم عبيدا وجعل منهم شقيا وسعيدا وغويا ورشيدا، ثم اختار على علمه، فاصطفى وانتخب منهم محمدا صلى الله عليه وآله فاختصه برسالته، واختاره لوحيه، وائتمنه على أمره، وبعثه رسولا مصدقا لما بين يديه من الكتب، ودليلا على الشرايع، فدعا إلى سبيل أمره بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أول من أجاب وأناب وصدق فأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام، فصدقه بالغيب المكتوم، وآثره على كل حميم، ووقاه كل هول، وواساه بنفسه في كل خوف، فحارب حربه، وسالم سلمه، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل ومقامات الروع، حتى بارز سابقا لا نظير له في جهاده ولا مقارب له في فعله. وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو هو السابق المبرز في كل خير، أول الناس إسلاما، وأصدق الناس نية، وأطيب الناس ذرية، وأفضل الناس زوجة، وخير الناس ابن عم.