صحيفتك وتوقف على ما اجترم بين يدي ربك، ولك برسول الله صلى الله عليه وآله أسوة وبينك وبينه صهر، فلا الماضين من أئمة الهدى اتبعت ولا طريقتهم سلكت، جعلت عبد ثقيف على رقاب أمة محمد صلى الله عليه وآله يدبر أمورهم ويسفك دماءهم، فماذا تقول لربك يا معاوية؟ وقد مضى من أجلك أكثره، وذهب خيره وبقي وزره.
إني امرأة من بني ذكوان وثب زياد المدعى إلى أبي سفيان على ضيعتي ورثتها عن أبي وأمي، فغصبنيها وحال بيني وبينها، وقتل من نازعه فيها من رجالي، فأتيتك مستصرخة، فإن أنصفت وعدلت، وإلا وكلتك وزايد إلى الله عز وجل، فلن تبطل ظلامتي عندك ولا عنده والمنصف لي منكما حكم عدل.
فبهت معاوية ينظر إليها متعجبا من كلامها، ثم قال: ما لزياد؟ لعن الله زيادا، فإنه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها، وعلى مساويها من يثيرها. ثم أمر كاتبه بالكتاب إلى زياد، يأمره بالخروج إليها من حقها، وإلا صرفه مذموما مدحورا، ثم أمر لها بعشرين ألف درهم.
وعجب معاوية وجميع من حضره من مقالتها وبلوغها حاجتها (1).
(265) جروة التميمية عند معاوية أبو عبد الله محمد بن زكريا، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثني عبد الله بن سليمان المديني عن أبيه، وسهيل التميمي عن أبيه، عن عمته، قالت: احتجم معاوية بمكة، فلما أمسى أرق أرقا شديدا، فأرسل إلى جزوة ابنة غالب التميمية، وكانت مجاورة بمكة، وهي من بني أسد بن عمرو بن تميم، فلما دخلت قال لها: مرحبا يا جروة، أرعناك؟ قالت: إي والله! يا أمير المؤمنين، لقد