فكتب إليه ابن عباس:
أما بعد، فقد ورد كتابك تذكر فيه لحاق الحسين وابن الزبير بمكة.
فأما ابن الزبير: فرجل منقطع عنا برأيه وهواه، يكاتمنا مع ذلك أضغانا يسرها في صدره يوري علينا وري الزناد، لا فك الله أسيرها فارا في أمره ما أنت راء.
وأما الحسين: فإنه لما نزل مكة وترك حرم جده ومنازل آبائه سألته عن مقدمه، فأخبرني أن عمالك بالمدينة أساؤا إليه وعجلوا إليه بالكلام الفاحش، فأقبل إلى حرم الله مستجيرا به، وسألقاه فيما أشرت إليه، ولن أدع النصيحة فيما يجمع الله به الكلمة ويطفئ به النائرة ويخمد به الفتنة ويحقن به دماء الأمة، فاتق الله في السر والعلانية، ولا تبيتن ليلة وأنت تريد لمسلم غائلة، ولا ترصده بمظلمة، ولا تحفر له مهواة، فكم من حافر لغيره حفرا وقع فيه! وكم من مؤمل أملا لم يؤت أمله! وخذ بحظك من تلاوة القرآن ونشر السنة، وعليك بالصيام والقيام لا تشغلك عنهما ملاهي الدنيا وأباطيلها، فإن كل ما اشتغلت به عن الله يضر ويفنى، وكل ما اشتغلت به من أسباب الآخرة ينفع ويبقى (1).
(120) قيس بن سعد ومعاوية لما قرب قوم صفين خاف معاوية على نفسه أن يأتي علي بأهل العراق وقيس بأهل مصر فيقع بينهما، ففكر في استدراج قيس واختداعه، فكتب إلى قيس:
من معاوية ابن أبي سفيان إلى قيس بن سعد، سلام عليك، أما بعد،