الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجى، ومحتد الندا، وطود النهى، وعلم الورى، ونورا في ظلمة الدجى، وداعيا إلى المحجة العظمى، ومستمسكا بالعروة الوثقى، وساميا إلى المجد والعلى، وقائد الدين والتقى، وسيد من تقمص وارتدى، بعل بنت المصطفى، وأفضل من صام وصلى، وأفخر من ضحك وبكى، صاحب القبلتين، فهل يساويه مخلوق كان أبو يكون؟ كان والله كالأسد مقاتلا ولهم في الحروب حاملا، على مبغضيه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى يوم التناد (1).
(247) صعصعة ومعاوية قدم وفد العراقيين على معاوية، فقد في وفد أهل الكوفة عدي بن حاتم الطائي، وفي وفد أهل البصرة الأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: هؤلاء رجال الدنيا وهم شيعة علي عليه السلام الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين، فكن منهم على حذر. فأمر لكل رجل منهم بمجلس سري واستقبل القوم بالكرامة.
فلما دخلوا عليه قال لهم: أهلا وسهلا، قدمتم أرض المقدسة والأنبياء والرسل والحشر والنشر.
فتكلم صعصعة - وكان من أحضر الناس جوابا - فقال: يا معاوية! أما قولك:
" أرض المقدسة " فإن الأرض لا تقدس أهلها، وإنما تقدسهم الأعمال الصالحة. وأما قولك: " أرض الأنبياء والرسل " فمن بها من أهل النفاق والشرك والفراعنة والجبابرة أكثر من الأنبياء والرسل. وأما قولك: " أرض الحشر والنشر " فإن المؤمن لا يضره بعد المحشر والمنافق لا ينفعه قربه.