فتزحزحوا عنها، وأطلقوا أقفالها، وخلوا سبيلها، ينتدب لها الذين شردتم في البلاد، ونقلتموهم عن مستقرهم إلى كل واد، فوالله ما قلدناكم أزمة أمورنا!
وحكمناكم في أموالنا وأبداننا وأدياننا لتسيروا فينا بسيرة الجبارين! غير أنا بصراء بأنفسنا لاستيفاء المدة وبلوغ الغاية وتمام المحنة، ولكل قائم منكم يوم لا يعدوه وكتاب لا بد أن يتلوه، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. قال: فقام إليه بعض أصحاب المسالح، فقبض عليه، وكان آخر عهدنا به، ولا ندري ما كانت حاله (1).
(238) كلام برير بن خضير في كربلاء ركب أصحاب عمر بن سعد فقرب إلى الحسين فرسه، فاستوى عليه، وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه، وبين يديه برير بن خضير، فقال له الحسين عليه السلام: كلم القوم، فتقدم برير، فقال:
يا قوم اتقوا الله! فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم، وما الذي تريدون أن تصنعوه بهم؟ فقالوا:
نريد أن نمكن منهم الأمير ابن زياد، فيرى رأيه فيهم، فقال لهم برير: أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاءوا منه؟ ويلكم يا أهل الكوفة، أنسيتم كتبكم وعهودكم التي أعطيتموها وأشهدتم الله عليها؟ يا ويلكم! أدعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم، حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد وحلأتموهم عن ماء الفرات؟ بئس ما خلفتم نبيكم في ذريته! ما لكم؟ لا سقاكم الله يوم القيامة! فبئس القوم أنتم!
فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول! فقال برير: الحمد لله الذي