هاشم يسألون جوابهم ما هذا لفظه:
فقال المأمون:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد على رغم أنف الراغمين.
أما بعد، عرف المأمون كتابكم وتدبير أمركم، ومخض زبدتكم، وأشرف على صغيركم وكبيركم، وعرفكم مقبلين ومدبرين، وما آل إليه كتابكم قبل كتابكم في مراوضة الباطل وصرف وجوه الحق عن مواضعها، ونبذكم كتاب الله تعالى والآثار وكلما جاءكم به الصادق محمد صلى الله عليه وآله حتى كأنكم من الأمم السالفة التي هلكت بالخسفة والغرق والريح والصيحة والصواعق والرجم.
" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "؟ والذي هو أقرب إلى المأمون من حبل الوريد! لولا أن يقول قائل: إن المأمون ترك الجواب عجزا لما أجبتكم من سوء أخلاقكم وقلة أخطاركم وركاكة عقولكم ومن سخافة ما تأوون إليه من آرائكم، فليستمع مستمع، فليبلغ شاهد غائبا.
أما بعد، فإن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله على فترة من الرسل وقريش في أنفسها وأموالها لا يرون أحدا يساميهم ولا يباريهم، فكان نبينا صلى الله عليه وآله أمينا من أوسطهم بيتا وأقلهم مالا، وكان أول من آمنت به خديجة بنت خويلد، فواسته بمالها، ثم آمن به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سبع سنين، لم يشرك بالله شيئا طرفة عين، ولم يعبد وثنا، ولم يأكل ربا، ولم يشاكل الجاهلية في جهالاتهم، وكانت عمومة رسول الله صلى الله عليه وآله إما مسلم مهين أو كافر معاند، إلا حمزة، فإنه لم يمتنع من الإسلام ولا يمتنع الإسلام منه، فمضى لسبيله على بينة من ربه.
وأما أبو طالب: فإنه كفله ورباه، ولم يزل مدافعا عنه ومانعا منه، فلما