(9) المفيد مع أبي علي ابن شاذان قال السيوطي في " تنوير الحوالك " في شرح موطأ مالك في البحث عن أن الأنبياء عليهم السلام يورثون أم لا؟ ناقلا عن الباجي: وقالت الإمامية: إن جميع الأنبياء يورثون، وتعلقوا في ذلك بأنواع من التخليط لا شبهة فيها، مع ورود هذا النص، يعني حديث " لا نورث ما تركناه صدقة "، قال - أي الباجي -: وقد أخبرني القاضي أبو جعفر السماني أن أبا علي ابن شاذان - وكان من أهل العلم بهذا الشأن إلا أنه لم يكن قرأ عربية - فناظر يوما في هذه المسألة أبا عبد الله بن المعلم - وكان إمام الإمامية وكان مع ذلك من أهل العلم بالعربية - فاستدل ابن شاذان على أن الأنبياء لا يورثون بحديث " إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " فقال له ابن المعلم: أما ما ذكرت من هذا الحديث فإنما هو " صدقة " نصب على الحال، فيقتضي ذلك: أن ما تركه النبي صلى الله عليه وآله على وجه الصدقة لا يورث عنه، ونحن لا نمنع هذا، وإنما نمنع ذلك فيما تركه على غير هذا الوجه.
واعتمد هذه النكتة العربية، لما علم أن ابن شاذان لا يعرف هذا الشأن ولا يفرق بين الحال وغيره، فلما عاد الكلم إلى ابن شاذان قال له: ما ادعيت من قوله صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركناه صدقة " إنما هو صدقة منصور على الحال، وأنت لا تمنع هذا الحكم فيما تركه الأنبياء على هذا الوجه (1).