لا تنزه النبي صلى الله عليه وآله؟ ويحكم! أجعلتم فقهاء كم أربابكم؟ إن الله عز وجل يقول: " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباب من دون الله " والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم ولكنهم أمروا لهم فأطيعوا.
ثم قال: أتروى قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "؟ قلت: نعم. قال: أما تعلم أن هارون أخو موسى لأبيه وأمه؟ قلت: بلى. قال: فعلي كذلك؟ قلت: لا. قال: فهارون نبي وليس علي كذلك، فما المنزلة الثالثة إلا الخلافة. وهذا كما قال المنافقون: إنه استخلفه استثقالا له، فأراد أن يطيب نفسه، وهذا كما حكى الله عز وجل عن موسى حيث يقول لهارون: " أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ".
فقلت: إن موسى خلف هارون في قومه وهو حي، ثم مضى إلى ميقات ربه عز وجل، وإن النبي خلف عليا عليه السلام حين خرج إلى غزاته.
فقال: أخبرني عن موسى حين خلف هارون، أكان معه - حيث مضى إلى ميقات ربه عز وجل - أحد من أصحابه؟ فقلت: نعم. قال: أوليس قد أستخلفه على جميعهم؟ قلت: بلى. قال: فكذلك علي عليه السلام خلفه النبي صلى الله عليه وآله حين خرج في غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان، إذ كان أكثر قومه معه وإن كان قد جعله خليفته على جميعهم، والدليل على أنه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قوله عليه السلام: " علي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وهو وزير النبي صلى الله عليه وآله أيضا بهذا القول، لأن موسى عليه السلام قد دعا الله عز وجل، فقال فيما دعى: " واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري " وإذا كان علي عليه السلام منه صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى، فهو وزيره، كما كان هارون وزير موسى