ولم يستخلف، أو في قولكم لأبي بكر: يا خليفة رسول الله، فإن كنتم صدقتم في القولين فهذا ما لا يمكن كونه إذ كان متناقضا، وإن كنتم صدقتم في أحدهما بطل الآخر.
فاتقوا الله! وانظروا لأنفسكم، ودعوا التقليد، وتجنبوا الشبهات، فوالله!
ما يقبل الله عز وجل إلا من عبد لا يأتي إلا بما يعقل ولا يدخل إلا فيما يعلم أنه حق، والريب شك، وإدمان الشك كفر بالله عز وجل، وصاحبه في النار.
وخبروني هل يجوز ابتياع أحدكم عبدا، فإذا ابتاعه صار مولاه وصار المشتري عبده؟ قالوا: لا. قال: كيف جاز أن يكون من اجتمعتم عليه لهواكم واستخلفتموه صار خليفة عليكم وأنتم وليتموه؟ ألا كنتم أنتم الخلفاء عليه؟ بل تولون خليفة وتقولون: إنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إذ سخطتم عليه قتلتموه! كما فعل بعثمان بن عفان.
قال قائل منهم: لأن الإمام وكيل المسلمين إذا رضوا عنه ولوه، وإذا سخطوا عليه عزلوه.
قال: فلمن المسلمون والعباد والبلاد! قالوا: الله (1) عز وجل. قال: فالله أولى أن يوكل على عباده وبلاده من غيره، لأن من إجماع الأمة أنه من أحدث في ملك غيره حدثا فهو ضامن، وليس له أن يحدث، فإن فعل فآثم غارم.
ثم قال: خبروني عن النبي صلى الله عليه وآله هل استخلف حين مضى أم لا؟ فقالوا: لم يستخلف قال: فتركه ذلك هدى أم ضلال؟ قالوا:
هدى. قال: فعلى الناس أن يتبعوا الهدى ويتنكبوا الضلالة، قالوا: قد فعلوا ذلك. قال: فلم استخلف الناس بعده وقد تركه هو؟ فترك فعله ضلال، ومحال أن يكون خلاف الهدى هدى، وإذا كان ترك الاستخلاف هدى