علمت اني أقتل ثم أحيا ثم أحرق حيا ثم أذرى يفعل بي ذلك سبعين مرة لما فارقتك حتى ألقى حمامي، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا، وتكلم باقي الأصحاب بما يشبه بعضه وبعد هذه الخطبة تهيأوا للقاء ربهم وأحيوا الليل بالعبادة، قال الراوي:
" فلما أمسى حسين وأصحابه قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون ".
واستعدوا كذلك للقاء خصومهم واتمام الحجة عليهم في يوم غد فأمر الامام بمكان منخفض من وراء الخيم كأنه ساقية فحفروه في ساعة من الليل وأمر فأتي بحطب وقصب فألقي فيه، فلما أصبحوا استقبلوا القوم بوجوههم وجعلوا البيوت في ظهورهم وأمر بذلك الحطب والقصب من وراء البيوت فأحرقت بالنار كي لا يؤتوهم من ورائهم، وبذلك منعهم الامام من الحملة عليه بغتة وقتله قبل اتمامه الحجة عليهم بل ألقى عليهم هو وأصحابه الخطبة تلو الخطبة حين تقابل الجيشان في يوم عاشوراء واستعدا للقتال بدأهم الإمام الحسين فركب ناقته واستقبلهم واستنصتهم ثم قال في خطبته:
أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم...
آمنتم بالرسول محمد (ص) ثم انكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم...
أيها الناس انسبوني من أنا ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها وانظروا هل يحل قتلي وانتهاك حرمتي؟!
ألست ابن بنت نبيكم و...
أولم يبلغكم قول رسول الله لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة، فان كنتم في شك من هذا القول أفتشكون أني ابن بنت نبيكم فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم، ويحكم! تطلبوني بقتيل منكم قتلته أو مال لكم استهلكته أو بقصاص جراحة؟!
ونادى:
يا شبث بن ربعي! ويا حجار بن أبجر! ويا قيس بن الأشعث! ويا زيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن أقدم قد أينعت الثمار وأخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجند.
وقال: