وقال في خطبته الثانية:
ان تتقوا وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الامر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان...
وأتم الحجة أيضا على أصحابه وخطب فيهم وقال:
ألا ترون الحق لا يعمل به وان الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فاني لا أرى الموت الا شهادة ولا الحياة مع الظالمين الا برما.
فقال له أصحابه: والله لو كانت الدنيا باقية وكنا فيها مخلدين الا أن فراقها في نصرك ومواساتك لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها.
وقال في جواب اقتراح الطرماح أن يذهب إلى جبلي طي فيدافع عنه عشرون ألف الطائي: انه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف.
انه قد كان بين الحسين (ع) وبين أهل العراق عهد أن يذهب إليهم ولا يقدر أن ينصرف عنهم حتى يتم الحجة عليهم.
* * * أتم الحسين (ع) الحجة على المسلمين في بلادهم وحواضرهم وعواصمهم مدة خمسة أشهر سواء من كان منهم في الحرمين أو العراقين - البصرة والكوفة - وكذلك من كان منهم في الشام حين أسمعهم حججه في خطبه وكتبه وعلى لسان رسله وأبلغهم نبأه.
وباشر القيام المسلح بأخذه البيعة ممن بايعه على ذلك، ثم في قتال سفيره مسلم ثم في توجهه إلى العراق متريثا وكان بامكان جماهير الحجيج أن يلتحقوا بعد الحج بركبه المتمهل في السير وكان بامكان أهل الحرمين والعراقين وسائر البلاد الاسلامية أن يلبوا دعوته حين استنصرهم فإنه لم يؤخذ على حين غرة ليكونوا معذورين لأنه لم تؤاتهم الفرصة لنصرته، بل إنه تنقل من بلد إلى بلد يداور عصبة الخلافة ويحاور بمنظر من المسلمين ومخبر، اذن فقد اشترك الجميع في تخذيله وان تفرد أهل الكوفة بحمل العار في دعوته، وتلبية دعوته ثم قتالهم إياه!.
* * * أتم الإمام الحسين (ع) الحجة على المسلمين عامة بما قال وفعل من قبل أن يصل إلى عرصات كربلاء، ولما انتهى إليها وقلب له أهل العراق ظهر المجن، وازدلف