رضى؟! قال عمر بن سعد: اما والله لو كان الامر إلي لفعلت! ولكن أميرك قد أبى ذلك، قال: فأقبل حتى وقف من الناس موقفا، معه رجل من قومه يقال له: قرة ابن قيس، فقال: يا قرة! هل سقيت فرسك اليوم؟! قال: لا، قال: أفما تريد ان تسقيه؟
قال: فظننت والله انه يريد ان يتنحى، فلا يشهد القتال، وكره ان أراه حين يصنع ذلك، فيخاف ان ارفعه عليه، فقلت له: لم اسقه، وانا منطلق فساقيه، قال: فاعتزلت ذلك المكان الذي كان فيه، قال: فوالله لو أنه أطلعني على الذي يريد لخرجت معه إلى الحسين. قال: فأخذ يدنو من حسين، قليلا قليلا، فقال له رجل من قومه يقال له المهاجر بن أوس: ما تريد يا بن يزيد؟ أتريد ان تحمل؟ فسكت وأخذه مثل العرواء، فقال له: يا بن يزيد! والله ان امرك لمريب! والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شئ أراه الآن! ولو قيل لي من أشجع أهل الكوفة رجلا؟ ما عدوتك! فما هذا الذي أرى منك. قال: اني والله أخير نفسي بين الجنة والنار ووالله لا اختار على الجنة شيئا، ولو قطعت وحرقت، ثم ضرب فرسه فلحق بحسين (ع) فقال له: جعلني الله فداك يا بن رسول الله انا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، والله الذي لا إله الا هو ما ظننت ان القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا! ولا يبلغون منك هذا المنزلة! فقلت في نفسي: لا أبالي ان أطيع القوم في بعض أمرهم ولا يرون اني خرجت من طاعتهم، واما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، ووالله لو ظننت انهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك، واني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك افترى ذلك لي توبة، قال: نعم يتوب الله عليك، ويغفر لك، ما اسمك؟ قال: انا الحر بن يزيد! قال أنت الحر، كما سمتك أمك، أنت الحر إن شاء الله في الدنيا والآخرة، انزل قال: انا لك فارسا، خير مني راجلا، أقاتلهم على فرسي ساعة والى النزول ما يصير آخر أمري، قال الحسين: فاصنع يرحمك الله ما بدا لك.
موعظة الحر لأهل الكوفة:
فاستقدم امام أصحابه ثم قال: أيها القوم ألا تقبلون من حسين خصلة من هذه الخصال التي عرض عليكم فيعافيكم الله من حربه وقتاله؟ قالوا: هذا الأمير عمر بن سعد فكلمه فكلمه بمثل ما كلمه به قبل، وبمثل ما كلم به أصحابه، قال عمر: قد حرصت لو وجدت إلى ذلك سبيلا فعلت، فقال: يا أهل الكوفة! لامكم الهبل والعبر إذ