الناس ينتظرونك ولا رأي لهم في غيرك فالعجل العجل...
وكتب إليه رؤساء أهل الكوفة: فأقدم على جند لك مجند.
وكتبوا إليه: انه معك مائة ألف سيف...
بعد ما توالت عليه أمثال الكتب الآنفة من الرجل والاثنين والأربعة ومن رؤساء أهل الكوفة وتكاثرت حتى ملأت خرجين.
بعد كل ذلك لو أن الامام لم يلب دعوة أهل الكوفة، وبايع يزيد، أو أنه لم يبايع يزيد ولكنه استشهد بمكان آخر، كان عندئذ قد فرط في حق أهل الكوفة، وكان الناس أبد الدهر وجيلا بعد جيل يسجلون لأهل الكوفة الحق على الامام، وفي يوم القيامة كانت لهم الحجة على الله جل اسمه، ولله الحجة البالغة على خلقه.
اذن فما فعله الإمام الحسين (ع) مع أهل الكوفة كان من باب إتمام الحجة عليهم وليس غيره، ولو لم يكن هذا بل كان سبب توجه الإمام الحسين (ع) إلى العراق انخداعه بكتب أهل الكوفة وطلبهم الحثيث، لرجع حين بلغه خبر مقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، ومن قبل أن يصل إليه الحر بن يزيد ويلازمه بأيام 1.
أجل إن الإمام الحسين (ع) قد أتم الحجة بما فعل على أهل العراق وعلى غيرهم وقال الله سبحانه " لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ".
ذهب إلى العراق لاتمام الحجة لا لقول بني عقيل وقد يتوهم متوهم ويقول: كان سبب ذهاب الامام إلى العراق بعد وصول نبأ مقتل مسلم وهانئ إليه قول بني عقيل: " لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا " وأن الامام بسبب هذا القول عرض نفسه ونفوس من معه للقتل، فالحق أن هذا ليس بصحيح ولا ينبغي أن يقوله من له مسكة من عقل، وإنما الصحيح أنه لما كان سيان للامام أن يتوجه إلى العراق أو إلى أي بلد آخر بالنسبة إلى المصير الذي كان ينتظر الامام، وهو القتل، لا زال ممتنعا عن بيعة خليفة المسلمين يزيد وكان من واجبه إتمام الحجة على أهل العراق ولما تتم يومذاك، وإنما تمت بعد أن ألقى عليهم هو وأصحابه الخطبة بعد الخطبة منذ أن قابل جيش الحر حتى يوم عاشوراء وعند ذاك فقط تمت الحجة عليهم. إذا كان لابد للامام أن يذهب إلى كربلاء بعد اطلاعه على