إنما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء، فلما دنا منه أصحابه قال لرجاله: املؤا قربكم فشد الرجالة فملأوا قربهم وثار إليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه، فحمل عليهم العباس بن علي ونافع بن هلال فكفوهم، ثم انصرفوا إلى رحالهم فقالوا: امضوا ووقفوا دونهم فعطف عليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه واطردوا قليلا، ثم إن رجلا من صداء طعن من أصحاب عمرو بن الحجاج، طعنه نافع بن هلال فظن أنها ليست بشئ ثم إنها انتفضت بعد ذلك، فمات منها وجاء أصحاب حسين بالقرب فأدخلوها عليه.
اعذار الامام قبل القتال:
وروى عن هانئ بن ثبيت الحضرمي وكان قد شهد قتل الحسين، قال: بعث الحسين (ع) إلى عمر بن سعد عمرو بن قرضة بن كعب الأنصاري ان القني الليل بين عسكري وعسكرك قال: فخرج عمر بن سعد في نحو من عشرين فارسا وأقبل حسين في مثل ذلك فلما التقوا أمر حسين أصحابه ان يتنحوا عنه وأمر عمر بن سعد أصحابه بمثل ذلك، قال: فانكشفنا عنهما بحيث لا نسمع أصواتهما، ولا كلامهما، فتكلما فأطالا حتى ذهب من الليل هزيع، ثم انصرف كل واحد منهما إلى عسكره بأصحابه، وتحدث الناس فيما بينهما ظنا يظنونه ان حسينا قال لعمر بن سعد اخرج معي إلى يزيد بن معاوية وندع العسكرين قال عمر اذن تهدم دارى قال انا ابنيها لك قال اذن تؤخذ ضياعي قال اذن أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز قال فتكره ذلك عمر، قال فتحدث الناس بذلك وشاع فيهم من غير أن يكونوا سمعوا من ذلك شيئا ولا علموه.
وروى عن عقبة بن سمعان قال صحبت حسينا فخرجت معه من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى العراق ولم أفارقه حتى قتل وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ولا بمكة ولا في الطريق ولا بالعراق ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلا وقد سمعتها، ألا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ولا ان يسيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال دعوني فلاذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر ما يصير أمر الناس.
وروى عن أبي مخنف عن رجاله: انهما كانا التقيا مرارا ثلاثا أو أربعا حسين وعمر بن سعد قال: فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد: اما بعد فان الله قد اطفأ النائرة، وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة، هذا حسين قد أعطاني ان يرجع إلى المكان